إبليس وقد قال ليغضبه يستعديه فقال لرجل : اذهب معه فجاء فأخبره أنه لم ير شيئا ثم أتاه فأرسل معه آخر فجاء فقال : لم أر شيئا ، ثم أتاه فقام معه فأخذ بيده فانفلت منه ، فسمّي الكفل لأنه كفل بالغضب أن لا يغضب.
أخبرنا أبو تراب حيدرة بن أحمد المقرئ في كتابه ، نا أبو بكر أحمد بن علي ، أنا أبو الحسن بن رزقويه ، أنا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا علي بن عاصم ، عن الحريري ، عن أبي نضرة ، قال : كان نبي في بني إسرائيل ، فأرسل إليهم أن اجتمعوا عندي ، فاجتمعوا عنده فقال : إني لا أحسبني إلّا قد احتضر أجلي ، فالتمسوا لي رجلا يصوم النهار ويقوم الليل ويقضي بين [بني](١) إسرائيل ، ولا يغضب ، فلما سمع ذلك المشيخة سكتوا وقام غلام من بني إسرائيل ، فقال : أنا لك بهذا ، فقال : ألا أراك غلاما فاجلس قال : ثم أرسل إليهم أن اجتمعوا إليّ فاجتمعوا ، فقال لهم مثل ذلك ، فسكت المشيخة وقام الغلام فقال : أنا لهذا ، فقال : ألا أراك غلاما فاجلس ، قال : فأرسل إليهم أن اجتمعوا إليّ فقال لهم مثل ذلك ، فسكت المشيخة وقام الغلام فقال : أنا لك بهذا ، قال : تصوم النهار وتقوم الليل وتقضي بين بني إسرائيل ، ولا تغضب؟ قال : نعم ، قال : قد ولّيتك أمر بني إسرائيل بعدي ، قال : ومات نبيهم قال : فجعل ذو الكفل يصوم النهار ويقوم الليل ويقضي بين بني إسرائيل ، فإذا انتصف النهار وقام فأوى إلى بيته ، فقال : ثم يخرج فيقضي بينهم ، قال : قال إبليس لعنه الله لجنوده : احتالوا أن تغضبوه ، فأرادوه بكل شيء فجعلوا لا يقدرون على أن يغضبوه ، فلما رأى ذلك إبليس قال : أنا صاحبه فجاءه في صورة شيخ كبير ، يمشي على عصا له حتى قعد حيث يراه ، فجعل ذو الكفل ينظر إليه ويرق له ، ويحسب أنه لا يستطيع الزحام ، فلما كانت الساعة التي يقوم فيها للقائلة (٢) قام حتى قعد بين يديه فقال : شيخ كبير مظلوم ، ظلمني بنو فلان ، قال له ذو الكفل : فهل لا قمت إليّ قبل هذه الساعة؟ قال : شيخ كبير لم أستطع الزحام ، قال : فأخذه بخدعته حتى مضت ساعته ، فالتفت ذو الكفل فإذا ساعته التي يقيل فيها قد مضت فقال : يا شيخ منعتني من القائلة ، قال : إني شيخ كبير ملهوف ، قال : فكتب معه ، قال : فأخذ الكتاب فرمى به ثم تحيّنه (٣) من الغد ، فأتاه في الساعة التي
__________________
(١) زيادة لازمة عن م.
(٢) القائلة : نوم منتصف النهار.
(٣) إعجامها مضطرب بالأصل وفي م : ثم تجنّبه والمثبت عن مختصر ابن منظور.