محمّد بن إسحاق ، أنبأ أبي أبو عبد الله ، قال : ذو قربات اختلف في صحبته ، روى عنه يونس بن ميسرة بن حلبس (١) مرفوعا.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم المزكي ، أنبأ أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، أنبأ جعفر بن عبد الله ، نا محمّد بن هارون الرّوياني ، ثنا أحمد ـ يعني ابن أخي ابن وهب ـ ثنا عمي ، ثنا سعيد بن عبد الرّحمن بن نافع أنه سمع أباه يذكر أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب : دلني على أعلم الناس ، فقال : ما أعلمه إلا ذو قربات وهو باليمن يا أمير المؤمنين ، قال : فبعث إليه معاوية فأتى به ومعاوية يومئذ بالغوطة ـ غوطة دمشق ـ قد نصبت الأبنية والأروقة والفساطيط ، فتلقاه كعب فلما لقي الحبر اليهودي وضع رأسه الحبر لكعب ووضع كعب رأسه للحبر كما فعل ، فبلغ ذلك معاوية بن أبي سفيان قبل أن يدخلا عليه ، فبعث إلى كعب وحبس الحبر فقال : يا كعب أكفرت بعد إيمانك؟ قال : لا لم أفعل ، قال : أولم يبلغني أنك سجدت للحبر اليهودي ، قال : لم أفعل ولم أكفر ولكنها تحية ، حياني بتحية فحييته بمثلها يقول الله عزوجل : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها)(٢) قال : وأخبرني أبا إسحاق أقبح منها بلغني أنك تضاهي إلى اليهودية وأنك تبدأ بالتوراة قبل القرآن إذا قرأت ، قال : نعم إني لأبدأ بها بدأ الله بالتوراة قبل القرآن ، ثم أقرأ ما علّمني الله من القرآن ، قال له معاوية : ما أراك تنجو مما أقول لك ، ثم خرج كعب إلى الحبر اليهودي فلما غشينا منزل معاوية ورأى الأبنية والأروقة والفساطيط بكى الحبر فقال له : ما أبكاك؟ قال : ذكرت بعض الأمراء أنشدك بالله وبالتوراة التي أنزلت على موسى ، إن أنا أخبرتك ما أبكاك أتخبرني أنت؟ [قال :] نعم ، قال كعب أنشدك الله ، أتجد في كتاب الله أن موسى عليهالسلام نظر في التوراة ، إني أجد أمة مرحومة ، خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالكتاب الأول ، ويؤمنون بالكتاب الآخر ، ويقتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال؟ قال موسى : يا رب اجعلهم أمتي ، قال : يا موسى هم أمة محمّد صلىاللهعليهوسلم؟ فقال الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك الله أتجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : ربّ إني أجد أمة هم الحامدون رعاة الشمس والقمر هم
__________________
(١) بالأصل : «جليس» خطأ وفي م : حليس ، والصواب ما أثبت وقد مرّ التعريف به.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٨٦.