اسمه ، فأدرك دريد بن الصّمّة فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة وذلك أنه كان في شجار (١) له ، فإذا هو برجل ، فأناخ به ، فإذا هو بشيخ كبير ، وإذا هو دريد ولا يعرفه الغلام فقال له دريد : ما ذا تريد؟ قال : قتلك ، قال : ومن أنت؟ قال : أنا ربيعة بن رفيع السّلمي ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا ، فقال دريد : بئس ما سلّحتك أمك ، خذ سيفي هذا من مؤخر الشجار ثم اضرب به ، وارفع عن الطعام ـ وقال الفراوي : عن العظام ـ واخفض عن الدّماغ ، فإني كذلك كنت أقتل الرجال فإذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصّمّة ، ربّ يوم والله قد تبعث فيه نساءك ، قال : فقتله ، فزعمت بنو سليم أن ربيعة قال : لما ضربته ووقع تكشّف فإذا عجانه (٢) وبطون فخذيه أبيض كالقرطاس من ركوب الخيل ، أعراء (٣) ، فلما رجع ربيعة (٤) إلى أمه أخبرها بقتله إياه فقالت : لقد أعتق أمهات لك ـ زاد ابن السّمرقندي : ثلاثا ـ.
قال : ونا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، ورجع إلى إسناده الأول ، قال (٥) : وأقبل مالك بن عوف فيمن معه ممن جمع من قبائل قيس وثقيف ومعه دريد بن الصّمّة شيخ كبير في شجار له فعاد به حتى نزل الناس بأوطاس ، فقال دريد حين نزلوا بأوطاس فسمع رغاء البعير ، ونهيق الحمير ـ وقال الفراوي : الحمار ـ ويعار (٦) الشاء ، وبكاء الصغير ، بأي وادي أنتم؟ فقالوا : بأوطاس ، فقال : نعم مجال الخيل ، لا حزن (٧) ضرس ، ولا سهل دهش (٨) ، ما لي أسمع رغاء البعير وبكاء الصغير ونهيق الحمير ـ وقال الفراوي : الحمار ـ ويعار الشاء فقالوا : ساق مالك مع الناس أموالهم وذراريهم ونساءهم ونساءهم (٩) ، قال : فأين مالك؟ فدعي مالك فقال : يا مالك إنك قد أصبحت
__________________
(١) الشجار : شبه الهودج إلّا أنه مفتوح الأعلى.
(٢) العجان : الدبر ، وقيل هو ما بين الدبر والقبل.
(٣) الأصل : «أعرى» والمثبت عن ابن هشام والبيهقي. وأعراء جمع عري وهو الفرس الذي لا سرج له. ولا يقال فرس عريان كما لا يقال رجل عرى.
(٤) الأصل : «تتبعه» والصواب ما أثبت عن ابن هشام والبيهقي.
(٥) انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٨٠ وما بعدها ودلائل البيهقي ٥ / ١٢١ وما بعدها.
(٦) أي صوتها ، وفي الأغاني : ثغاء بدل يعار.
(٧) المرتفع من الأرض ، والضرس : الموضع الذي فيه حجارة محددة.
(٨) كذا ، وفي سيرة ابن هشام والدلائل للبيهقي : «دهس» ، وهو المكان اللين الكثير التراب.
(٩) كذا مكررة بالأصل فقط.