قال : سمعت بشر بن الحارث يقول : قال موسى للخضر عليهماالسلام : أوصني ، قال : ستر الله عليك طاعته (١).
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن ، وحدّثني أبو مسعود ، وعبد الرحيم بن علي بن حمد عنه ، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد ، نا سليمان بن أحمد بن أيوب ، نا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي ، نا محمّد بن الفضل بن عمران الكندي ، نا بقية بن الوليد ، عن محمّد بن زياد ، عن أبي أمامة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : «ألا أحدّثكم عن الخضر؟» قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «بينما هو ذات يوم يمشي في سوق (٢) بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال : تصدّق عليّ بارك الله فيك ، فقال الخضر : آمنت بالله ، ما شاء الله من أمر يكون ما عندي شيء أعطيكه ، قال المسكين : أسألك بوجه الله لما تصدقت عليّ فإني نظرت السيماء (٣) في وجهك ، ورجوت البركة عندك ، فقال الخضر : آمنت بالله ، ما عندي شيء أعطيكه إلّا أن تأخذني فتبيعني ، فقال المسكين : وهل يستقيم هذا؟ قال : نعم ، الحق أقول لك ، لقد سألتني بأمر عظيم ، أما إني لا أخيبك بوجه ربي ـ بعني ـ ، قال فقدمه إلى السّوق فباعه بأربع مائة درهم ، فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء ، فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي ، فأوصني بعمل ، قال : أكره أن أشقّ عليك ، إنك شيخ كبير ضعيف ، قال : ليس يشقّ عليّ ، قال : فانقل هذه الحجارة ـ وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم ـ فخرج الرجل لبعض حاجته ، ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة ، فقال : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه ، ثم عرض للرجل سفر ، فقال : إني أحسبك أمينا ، فاخلفني في أهلي خلافة حسنة ، قال : فأوصني بعمل ، قال : إني أكره أن أشق عليك ، قال : ليس يشقّ عليّ ، قال : فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك ، فمضى الرجل لسفره ، فرجع الرجل وقد شيّد بناءه ، فقال : أسألك بوجه الله ما سببك (٤) ، وما أمرك؟ قال : سألتني بوجه الله ، والسؤال بوجه الله أوقعني في العبودية ، سأخبرك من أنا ، أنا الخضر الذي سمعت به ، سألني مسكين صدقة ، فلم يكن عندي شيء أعطيه ،
__________________
(١) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٢٩٧ ـ ٣٢٩٨.
(٢) في بغية الطلب : في سوق من أسواق بني إسرائيل.
(٣) بغية الطلب : سيماء الخير.
(٤) ابن العديم : ما حسبك.