كما ذهب أصحابه ، فأمرته (١) بالمقام لإسلامه. فتنازعا في ذلك حتى تشاتما ، فلما قدما المدينة اجتمعا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكر عمّار الرجل وما صنع ، فأجاز رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمان عمار ، ونهى يومئذ أن يجير أحد على أمير ، فتشاتما عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال خالد : يا رسول الله أيشتمني هذا العبد عندك أما والله لو لاك ما شتمني ، فقال نبي الله صلىاللهعليهوسلم : «كف يا خالد عن عمار ، فإنه من يبغض عمارا يبغضه الله عزوجل» ثم قام عمار فولّى وأتبعه خالد بن الوليد حتى أخذ بثوبه فلم يزل يترضاه حتى رضي ، ونزلت هذه الآية : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(٢) أمراء السرايا (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(٣) فيكون الله ورسوله هو الذي يحكم فيه (ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً*)(٤) يقول خير عاقبة (٥) [٣٨٩٩].
أخبرنا أبو بكر الحاسب ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر الخزّاز ، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة (٦) ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر (٧) ، نا يوسف بن يعقوب بن عتبة ، عن عثمان بن محمّد الأخنسي ، عن عبد الملك بن أبي بكر (٨) بن عبد الرّحمن بن الحارث ، قال : أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالد بن الوليد أن يغير على بني كنانة إلّا أن يسمع أذانا أو يعلم إسلاما ، فخرج حتى انتهى إلى بني جذيمة ، فامتنعوا أشد الامتناع ، وقاموا (٩) وتلبّسوا السلاح ، فانتظر بهم صلاة العصر والمغرب والعشاء لا يسمع أذانا ، ثم حمل عليهم فقتل من قتل وأسر من أسر ، فادّعوا بعد الإسلام.
قال عبد الملك : وما عتب عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك ، ولقد كان المقدّم حتى مات ، ولقد خرج معه بعد ذلك إلى حنين على مقدمته ، وعلى تبوك ، وبعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أكيدر دومة الجندل (١٠) فسبا من سبا ثم صالحهم ، ولقد بعثه
__________________
(١) في ابن العديم : فأمره.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٥٩.
(٣) سورة النساء ، الآية : ٥٩.
(٤) سورة النساء ، الآية : ٥٩.
(٥) الخبر نقله ابن العديم ٧ / ٣١٤٦ ـ ٣١٤٧.
(٦) ابن العديم : «حبة» انظر تبصير المنتبه ١ / ٤٠٥.
(٧) مغازي الواقدي ٣ / ٨٨٣ ـ ٨٨٤ ونقله عنه ابن العديم ٧ / ٣١٤٧.
(٨) «بن أبي بكر» سقط من مغازي الواقدي.
(٩) الواقدي : وقاتلوا.
(١٠) دومة الجندل : حصن وقرى بين الشام والمدينة ، قرب جبلي طيئ من جهة الشمال (ياقوت).