أنه ذكر الدرس بها القاضي تقي الدين أبو الفتح محمد بن عبد اللطيف السبكي الشافعي ، وقد مرت ترجمته في المدرسة الركنية ، ثم أخبرني قاضي الحنفية محب الدين محمد الشهير بابن القصيف أن وقف على كتاب وقفها ، وأنها على الحنفية فقط ، وواقفها فخر الدين شركس (١) الصلاحي. قال الذهبي في العبر في سنة ثمان وستمائة : وجهاركس الأمير الكبير فخر الدين الصلاحي ، أعطاه العادل بانياس والشقيف ، فأقام هناك مدة ، توفي في شهر رجب ، ودفن بتربته بقاسيون انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وستمائة : الأمير فخر الدين شركس ويقال له جهاركس أحد أمراء الدولة الصلاحية ، وإليه تنسب قباب شركس بالسفح تجاه تربة خاتون وبها قبره. قال القاضي ابن خلكان : وهو الذي بنى القيسارية الكبرى بالقاهرة المنسوبة إليه ، وبنى في أعلاها مسجدا معلقا وربعا وقد ذكر جماعة من التجار أنهم لم يروا لها نطيرا في سائر البلدان في حسنها وعظمها وإحكام بنائها ، وقال : وجهاركس بمعنى أربعة أنفس. قلت : وكان نائب العادل على بانياس والشقيف وتبنين وهونين انتهى.
وقال في سنة خمس وثلاثين وستمائة : الأمير الكبير المجاهد المرابط صارم الدين خطلبا بن عبد الله مملوك شركس ونائبه بعده مع ولده على تبنين وتلك الحصون ، وكان كثير الصدقات والإحسان ، ودفن مع أستاذه بقباب شركس ، وهو الذي بناها بعده ، وكان خيرا قليل الكلام كثير الغزو مرابطا مدة سنين انتهى. وقال الصلاح الصفدي في حرف الجيم : جهاركس بن عبد الله الأنصاري الأمير فخر الدين كان من أكابر الامراء الصلاحية ، وكان كريما نبيل القدر عالي الهمة ، بنى بالقاهرة القيسارية الكبرى المنسوبة إليه. قال القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان : رأيت جماعة من التجار الذين طافوا البلاد يقولون لم نر في شيء من البلدان مثلها في حسنها وعظمها وإحكام بنائها ، وبنى بأعلاها مسجدا كبيرا وربعا معلقا ، وتوفي سنة ثمان وستمائة بدمشق ، ودفن بجبل الصالحية ، وتربته مشهورة هناك ، وكان العدل أعطاه
__________________
(١) ابن كثير ١٣ : ٦٩.