الشريشي وغيره يسيرا ، وأنهى بالشامية البرانية ورافق زين الدين الكفيري (١) وشمس الدين الكفيري واندرج بصحبتهما ، وأذن له بالإفتاء ، وولي إمامة المدرسة القواسية ، وسكن بها مدة طويلة واستنزل عن إعادة الشامية الجوانية والناصرية ، واستقرّ معها في المدارس ، وحصل له تصدير في الجامع ، ولما جاءت الفتنة كان ممن أقام بدمشق في الفتنة وأوذي ، وقعد بعدها في الشهود مدة. ثم أن القاضي نجم الدين بن حجي استنابه مع غيره من الفقهاء في القضاء ، فباشره لغير واحد من القضاة مدة يسيرة ، كان متوقفا في الحكم لا يدخل في شيء ، ولما أن مات القاضي شمس الدين الأخنائي نزل له عن ثلث تدريس العزيزية ، ثم صار له النصف ، ودرّس بها دروسا عجيبة : درس مرة أو مرتين في باب الغلس ، ثم انتقل إلى باب الضمان ، وخرج من الباب ولم يفرغ منه ، وكان كثير الحرص على تحصيل الدنيا ، ويأخذ من المدارس بغير حضور ، حتى أنه حصل له بسبب ذلك أذى وضربه النائب بلبك ضربا مؤلما ولم يرجع عن ذلك ، وكان في آخر أمره ترك التدريس وأساء لعجزه ، وكان يأخذ المعلوم منه ومن سائر جهاته من غير مباشرة ، وكان يكتب على الفتاوى كتابة عجيبة ، ولم يكن يعرف شيئا من العلوم سوى الفقه على طريقة المتقدمين ، ولا يعرف شيئا من كلام المتأخرين وتحريراتهم ، ومات ولم يتخرج به أحد من طلبة العلم ، وكرههم وكرهوه ، وكان له طرق في تحصيل الدنيا لا يستحسن غيره أن يفعلها ، ومع ذلك كان مقترا على نفسه في عيشه وملبسه ، يمشي مع كبر سنه ولا يسمح بدابة يركبها ، وكان قد ترك مباشرة القضاء للقاضي بهاء الدين بن حجي مدة ، بحيث ظنّ الناس أنه ترك وظيفة القضاء ، فلما جاء القاضي السراج الحمصي ناب له ، وباشر مرات ثم ترك المباشرة ، ومات وهو متولي القضاء ، وكان رفيقه الشيخ شمس الدين الكفيري في مرض موته ، فنزل له عن نصف تدريس العزيزية ، فلم يحصل له من ذلك غبن شديد ، ثم إنه وقف في مرض موته فنزل عن نصف تدريس العزيزية وإعادة
__________________
(١) شذرات الذهب ٧ : ٣٢.