الوكيل بسبب إقامته بمصر ، وكان قد وصل إلى المظفر فأكرمه ورتب له رواتب لانتمائه إلى نصر المنبجي (١) ، ثم عاد بتوقيع سلطاني إلى مدرستيه فأقام بهما شهرا وسبعة أيام ، ثم استعاداهما منه ورجعتا إلى المدرسين الأولين. إلى أن قال : ووقعت منازعة بين صدر الدين بن الوكيل وبين الصدر سليمان الكردي بسبب العذراوية ، وكتبوا في ابن الوكيل محضرا يتضمن أشياء من القبائح والفضائح والكفريات على ابن الوكيل ، فبادر ابن الوكيل إلى القاضي تقي الدين سليمان الحنبلي ، فحكم بإسلامه وحقن دمه ، وحكم باسقاط التعزيز عنه والحكم بعدالته واستحقاقه للمناصب ، وأشهد عليه بذلك في المحرم من السنة المذكوره ، ولكن خرجت عنه المدرستان : العذراوية لسليمان الكردي ، والشامية لأمين سالم ، ولم يبق معه سوى دار الحديث الأشرفية. وقال فيها : في شهر ربيع الآخر كان الأمير سيف الدين بن استدمر قد قدم دمشق لبعض أشغاله ، وكان له حنوّ على الشيخ صدر الدين بن الوكيل ، فاستنجز له مرسوما بنظر دار الحديث وتدريس العذراوية ، فلم يباشر ذلك حتى سافر الأمير استدمر ، فاتفق له بعد يومين أنه وقعت كائن بدار ابن درباس بالصالحية من الحنابلة وغيرهم ، وذكروا أنه وجد عنده شيء من المنكرات وغير ذلك ، وبلغ ذلك نائب السلطنة فكاتب فيه ، فردّ الجواب بعزله عن المناصب الدينية ، فخرجت عنه دار الحديث الأشرفية ، وبقي بدمشق وليس بيده وظيفة ، فلما كان في آخر شهر رمضان سافر إلى حلب الشهباء ، فقرر له نائبها الأمير إستدمر على الجامع شيئا ، ثم ولّاه تدريسا هناك وأحسن إليه انتهى.
قلت : والأمين سالم المذكور هو الشيخ الإمام المفنن أمين الدين سالم بن أبي الدر عبد الرحمن ويقال له لؤلؤ بن عبد الله المعروف بإمام مسجد ابن هشام وكيل بيت المال ، ميلاده سنة خمس وأربعين وستمائة ، واشتغل على القاضي عز الدين بن الصائغ ، ولازم الشيخ محيى الدين النواوي وانتفع به ، فلما توفي أخذ عن شرف الدين المقدسي وزين الدين الفارقي وغيرهما ، وأمّ بمسجد ابن
__________________
(١) شذرات الذهب ٦ : ٥٢.