وأنه مشارك لعمرو في تلك الشجاعة ، وأما في المشبه به ؛ فلأجل أنه لو لم توجد فيه الشجاعة لم يصح الحكم على زيد في المثال بأنه ملحق بعمرو الذي هو المشبه في تلك الشجاعة ولم يصح الحكم بمشاركته لعمرو فيها ، وإذا اقتضى ذلك وجود الوجه في المشبه به صح الحكم به عليه فالتشبيه حالة تقتضي وجود وجه الشبه في الطرفين ، بحيث يصح الحكم به عليهما ، إلا أن تلك الصحة في المشبه كالمصرح بها في المشبه به على طريق اللزوم الاقتضائي الضمني الذي هو مثل ما كان كالتنصيص وذلك كاف في الصحة وإن كانت ليست بالاقتضاء في المشبه ، وعلى هذا لا يرد أن يقال التشبيه إنما يقتضي الاتصاف في المشبه ، وأما المشبه به فليس في الجملة حكم بالاتصاف ؛ لأنا نقول هو في المشبه كالصريح وفي المشبه به صحيح بطريق اللزوم ولو لم يكن كالصريح ، وإذا كان التشبيه يقتضي صحة الحكم بثبوت وجه الشبه والمشاركة وصحة الوصف بهما ؛ فمدلول الحرف والفعل لا يصح أن يحكم عليه فلا يصح التشبيه فيه فلا تصح فيه الاستعارة الأصلية المبنية على التشبيه ؛ إذ كون الشيء موصوفا ومحكوما عليه إنما يصح فيه إن كان من الحقائق ـ أي : الأمور الثابتة المتقررة كالجسم والبياض ـ بخلاف ما لا تقرر له لكونه شيئا لا ثبات له كالمشتمل على الزمان ؛ فالجسم ـ مثلا ـ متقرر فيوصف فيقال فيه جسم أبيض أو أسود ، وكذا البياض فيقال فيه بياض صاف وناصع بخلاف الفعل كقام فلدلالته على الزمان السيال الذي لا قرار له لا يصلح مدلوله للموصوفية المصححة للتشبيه المصحح للاستعارة الأصلية ، وبخلاف الوصف كقائم فإنه ولو لم يدل على الزمان بصيغته لكن يعرض اعتباره فيه كثيرا فيمنعه من التقرر ، وكذا الحرف من باب أحرى لأنه لا يستقل بالمفهومية على ما تقدم في وضع الحرف وأنه إنما وضع لمعنى سببى لا ليفهم لذاته بل ليتوصل به لغيره فكون غيره هو المقصود في الإفادة يمنع من الحكم عليه ؛ وإذا كان الفعل لاشتماله على ما لا ثبات له ولا استقلال له في الثبوت يمنع من الموصوفية مع استقلاله بالمفهومية فأحرى الحرف الذي لا يكون معناه إلا غير ثابت الاستقلال بالمفهومية أصلا على ما سنزيده به وضوحا ؛ فلا تصلح الاستعارة في الفعل