مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا) وكنّا نتوجه إليك لحل مشاكلنا ونستشيرك في أمورنا ونعتقد بعقلك وذكائك ودرايتك ، ولم نشك في إشفاقك واهتمامك بنا ، لكن رجاءنا فيك ذهب ادراج الرياح ، حيث خالفت ما كان يعبد آباؤنا من الأوثان وهو منهج أسلافنا ومفخرة قومنا ، فأبديت عدم احترامك للأوثان وللكبار وسخرت من عقولنا (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) والحقيقة أننا نشكّ في دعوتك للواحد الأحد (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ).
نجد هنا أن القوم الضّالين يلتجؤون تحت غطاء الاسلاف والآباء الذين تحيط بهم هالة من القدسية لتوجيه أخطائهم وأعمالهم وأفكارهم غير الصحيحة ، وهو ذلك المنطق القديم الذي كان يتذرع به المنحرفون وما زالوا يتذرعون به في عصر الذّرة والفضاء أيضا.
لكن هذا النّبي الكبير لم ييأس من هدايتهم ولم تؤثر كلماتهم المخادعة في روحه الكبيرة فأجابهم قائلا : (يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً) أفأسكت عن دعوتي ولا أبلغ رسالة الله ولا أواجه المنحرفين (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) .. ولكن اعلموا أن كلامكم هذا واحتجاجكم بمنهج السلف والآباء لا يزيدني إلّا إيمانا بضلالتكم وخسرانكم : (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ..).
وبعد هذا كلّه ومن أجل البرهان على صدق دعوته ، وبيان المعاجز الإلهية التي دونها قدرة الإنسان جاءهم بالناقة التي هي آية من آيات الله وقال : (وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) فاتركوها وذروها تأكل في أرض الله (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
ناقة صالح :
«النّاقة» في اللغة هي أنثى الجمل ، وهي الآية الآنفة في آيات أخرى أضيفت