وكان جلال الدين قد قدم من بلاد الهند إلى خوزستان والعراق ، فملك أصبهان وغيرها من البلاد الواسعة ، وخاصة بلاد أذربيجان ، ومدينة تفليس التي استولى عليها الكرج في سنة ٥١٥ ، وأوقع بهؤلاء الكفرة هزيمة ساحقة ، قضى فيها على معظمهم ، وكان هؤلاء الكرج يكثرون من الإغارة على بلاد المسلمين حولهم كخلاط ، وأذربيجان ، وأرّان ، وأرزن الروم ، ودربند شروان ، والمسلمون معهم في ذل.
ولم يقدر أحد من سلاطين وملوك الشرق المسلمين عليهم بمثل ما فعله فيهم جلال الدين رغم فناء كثير من جنده ، فقد كاد أن يبيد أفرادهم ، ويستأصلهم.
وقام جلال الدين بعد ذلك بحرب الباطنية ـ الإسماعيلية ـ فنهب بلادهم ، وخربها ، وقتل أهلها ، وسبى واسترق كثيرا من نسائها وغلمانها ، انتقاما منهم لقيامهم بعون التتار على المسلمين ، ولقتلهم أحد أمرائه المقدمين.
ولما فرغ جلال الدين من أمر الإسماعيلية لقيته فئة عظيمة من التتار جهة الري فهزمهم ، ووضع السيف فيهم ، وأقام بنواحي الري فلاقته طائفة كبيرة من التتار أيضا أرادوا سكن تلك الديار بعد أن طردهم جنكيز خان فالتحم الفريقان في وقائع كثيرة كانت الحرب فيها دولا.
وفي هذه الفترة وقع خلاف شديد بين جلال الدين وبعض الملوك المسلمين ، فزين الإسماعيليون الملاحدة لإخوانهم التتار سوء فسادهم ، وأعلموهم بضعف جلال الدين ، فتقدمت جموع التتار في سنة ٦٢٨ من بلاد ما وراء النهر التي فيها عاصمة ملكهم ، إلى بلاد أذربيجان ، فمروا ببلاد خراسان وكانت خرابا ثم توجهوا إلى الري وهمذان فاستولوا عليهما ، ثم قصدوا أذربيجان فخشي جلال الدين من منازلتهم لضعف جنده ، وخروج الكثير منهم عن طاعته ، ففر أمامهم ، وهم يتبعونه ، من بلد إلى آخر حتى تمزق جنده من التعب والنصب ، وكان التتار عند قصّهم أثره لا يمرون على