الجيوش إلى جميع بلاد خراسان ، حتى لم يسلم بلد من شرهم وفسادهم.
وقد وجه جنكيز خان بعد ذلك طائفة كبيرة جدا من جنده لمحاربة جلال الدين ، فالتقى الفريقان في «كابل» ودارت رحى الحرب ، واشتدت وزخرت ، وأسفرت عن هزيمة التتار ، وقتل الكثير منهم ، وغنم المسلمون منهم غنائم كثيرة ، وأنقذوا الأسرى المسلمين من أيديهم ، لكن حدث خلاف في صفوف جند جلال الدين ما لبث أن استحكم ، وأدى إلى الاقتتال بين المسلمين أنفسهم ، وفر أحد كبار الأمراء إلى بلاد الهند ب ٠٠٠ ، ٣٠ مقاتل ، فاستعطفه جلال الدين وذكره الله والجهاد فلم يرجع ، ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
وبينما المسلمون على هذه الحال ، إذ فاجأهم جنكيز خان بجيش عظيم لا قبل لهم به ، فآثر جلال الدين النجاة ببقية جنده ، وفر نحو السّند ، فجد جنكيز خان في طلبه ، حتى تلاقيا عند ماء السّند ـ حيث لم يتمكن جلال الدين من العبور بمن معه لعدم وجود السفن ـ واستعرت الحرب ، والتحم الفريقان في معركة لم تشهد حروب المسلمين والتتار قبلها مثلها حدة ، وضراوة ، وصدقا في القتال ، وسقط من الفريقين عدد كبير من القتلى ثم انهزم التتار ولله الحمد ، وعبر جلال الدين بمن معه النهر بعد وصول السفن ، فلما كان الغد عاد التتار إلى غزنة وفعلوا فيها وفي سوادها مثل ما فعلوه في بلاد خراسان حتى عادت غزنة كأن لم تغن بالأمس.
وفي مستهل سنة ٦٢١ وجه جنكيز خان طائفة من جنده إلى الري ـ وهم غير الطائفة المغربة ـ فوضعوا السيف في من بقي من أهلها حتى قتلوهم عن آخرهم ، ودمروا ما كان عمر منها بعد وقعة التتار المغربة ، ثم ساروا في البلاد مفسدين ومهلكين الحرث والنسل فدخلوا ساوة وقمّ ، وقاشان وغيرها من البلاد ، ثم قصدوا همذان فخربوها ، وقتلوا من كان سلم من أهلها في الوقعة الأولى ، ولم ينج من قتلهم إلا الأسير.