صالح أهلها ، وسيرهم إلى مدينة مرو العظيمة ، وكانت من أمنع البلاد ، وكان يرابط بظاهرها فقط ما يزيد على ٠٠٠ ، ٢٠٠ من المسلمين الذين نجوا من بلادهم المصابة ، والتقت الفئتان ، وصمد الفريقان ، ولما اشتد على المسلمين القتال ولوّا هاربين ، فتتبعتهم جيوش جنكيز خان فقتلت وأسرت العدد الكبير ، ولم ينج إلا القليل.
وجاء دور مرو نفسها في الحصار ، فجمع التتار إلى جموعهم أناسي كثيرا من البلاد المجاورة ، وأحكموا الحصار ، وتفانوا في القتال ، ولم يتمكنوا من دخولها ـ لقوة منعتها ـ إلا بعد أن أغروا أهلها بالسلامة وطلب الأمان ، فلما طلبوه ، غدر التتار بهم ، ووضعوا السيف في رقابهم حتى أفنوهم جميعا بعد أن سبوا من شاءوا من النساء والأطفال ، وقدرت القتلى في هذه المدينة بنحو ٠٠٠ ، ٧٠٠ ، ولم ينج إلا الشريد ، فعادت تلك الديار العامرة بلقعا كأن لم تغن بالأمس.
ثم توجهوا إلى نيسابور ، فضيقوا عليها الحصار ، حتى تمكنوا من دخولها عنوة ، فسبوا نساءها ، وقتلوا سائر أهلها ، ونهبوا خيراتها ، وخربوا ديارها ، ثم قطعوا رءوس القتلى لئلا يسلم أحد ، وتوجهوا بعد ذلك إلى طوس فلم تكن أحسن من سابقتها ، ثم توجهوا إلى هراة وهي من أحصن البلاد فملكوها بعد حصار شديد ، وقتلوا بعض أهلها ، وأمنوا الباقين.
وسلكوا بعد ذلك إلى غزنة ، فأوقع بهم جلال الدين بن علاء الدين خوارزم شاه هزيمة منكرة ، قتل فيها كثير من جند التتار ، فاستبشر أهل هراة بهذا النصر ، وحملوا على حامية التتار في بلدهم فقتلوهم ، فعادت جنود التتار إلى هراة ، ودخلوها ، وأعملوا في جميع أهلها السيف ، بعد أن سبوا من شاءوا ، ثم أحرقوا البلد.
ولما تم لهم كل ذلك عادوا (١) إلى ملكهم جنكيز خان وهو بالطّالقان يبعث
__________________
(١) خرجت هذه الطائفة من عند ملكها في سنة ٦١٧ ، وعادت في نفس السنة.