أراد أن يخضع جميع بلاد ما وراء النهر لحكمه وسلطانه ، فسيّر ـ وهو في سمرقند ـ جيشا إلى فرغانة ، وآخر إلى ترمذ ، وآخر إلى قلعة كلانة ، وإلى غيرها من تلك النواحي ، فاستولت تلك الجيوش على هذه المناطق ، فقتلوا ، ونهبوا ، وأحرقوا ، وخربوا ، كما فعل أصحابهم المغربة ، ثم عادوا إلى ملكهم.
وجهز جنكيز خان أيضا جيشا كبيرا إلى خوارزم ، وآخر إلى بلاد خراسان غربي جيحون.
فأما الجيش الموجه إلى خوارزم فقد لاقى في حصار هذه المدينة عناء شديدا ، وذلك لكثرة جند هذا البلد ، ومناعته ، وشجاعة أهله ، فقد قتل من الفريقين ما لا يحصى ، وكان قتلى التتار أكثر ، عندها طلبت تلك الطائفة التتارية النجدة والعون من ملكهم جنكيز خان ، فأمدهم بجنود وفيرة ، واشتد الحصار على خوارزم ، وتفانى أهلها المسلمون في الدفاع عنها إلى أن دخلها التتار ، فأعمل هؤلاء المجرمون السيف في أهلها ، ونهبوا ثرواتها ، ثم فتحوا السّكر الذي يمنع ماء جيحون عنها ، فدخلها الماء ، وغرق كل ما فيها ، وتهدمت مبانيها ، ولم يسلم منها أحد البتة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وأما الجيش الموجه إلى خراسان ، فقد عبر نهر جيحون إلى مدينة بلخ فدخلوها صلحا سنة ٦١٧ ، ثم قصدوا عدة مدن في ناحيتها فملكوها صلحا أيضا ، لكن أخذوا الرجال ليكونوا عونا لهم على من يمتنع عليهم ، فقصدوا بلاد الطّالقان ، وبها قلعة حصينة ، فحاصروها ستة أشهر ، فلما عجزوا عن نيل مأربهم منها استنجدوا بملكهم جنكيز خان ، فأجابهم بنفسه ، ومعه خلق كثير من أسرى المسلمين ، فمكث في حصار هذه القلعة ، ومقاتلة جندها أربعة أشهر ، ثم تمكن من دخولها فنهبت ، وقتل من فيها ممن لم ينجه الفرار ، لكن ذهب الكثير من جنده عند حصارها.
وقد قام جنكيز خان بعد ذلك بجمع المقاتلة المسلمين من البلاد التي