ماضي الأمة لا يموت أبدا ، ولكنه يكون حيا) تاريخه إلى آلاف السنين يستوحى
منه.
فدراسة التاريخ
إذا من ضروريات البقاء ، ومعرفة الأمة نفسها من أكبر عوامل الارتقاء ، ولا سيما
إذا كان في تاريخ الأمة من أعمال المجد والعظمة ما يثير الفتوة ، ويبعث النشاط
والقوة في شرايين الأجسام المنحلة ، ويدفع بالأبناء إلى ترسم آثار الآباء ، فإنه
يستحيل أن يرضى لنفسه بالذل والمهانة من كان أبوه يعزم العزمة الفاصلة فيملي
إرادته على الملوك والجبابرة ، ويقول الكلمة فتطفىء الحرب العوان وتشعل ، وإذا ريع
كان له السيف والرديني أمنع معقل.
وكيف يجمل
بأبناء الأرواع اللهاميم فراجو الغمم من دانت لسطوتهم الملوك ، وذلت لهيبتهم
الأقاليم ، أن يكونوا نقدا تنتاشهم سباع الأطماع وهم في غفلتهم ساهون ، أو تنزل
بهم عون الخطوب فيذلون ويسمدون ، و (يفتتون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون
ولا هم يذكرون).
أجل ، إن من
يدرس أصول النهضات العالمية يجد في قرارتها أثرا للتاريخ وضاح الجبين وعوالم
وأرواح الآباء مصدر تلك القوة وأساسها المتين ، فلا غرابة إذا رأينا جبابرة العقول
، وفطاحلة الفكر الإنساني ، تعد التاريخ من أكبر الوسائل لتنمية العقل وتهذيب
الشعور ، وبسط النفوذ ، وسعة الملك ، وتضخيم الثروة ، وعظمة الشأن ، ونرى علماء
الغرب على اختلاف مشاربهم ، وتنوع معارفهم ، وتباين مباحثهم ، ومناحيهم ، عاكفين
في جامعاتهم السنين الطوال : هذا يدرس أجناس البشر وأصول الشعوب ، ومتى وجد
الإنسان على الأرض ، ومدنيته الأولى ، وصفاته وقسمات وجهه إلى آخر ما هنالك.
وذلك مكب على
تمثال قديم يرجع فنه وجماله ودقته مبلغ حضارة الأمة التي وجد فيها ، كما أن زميله
وضريبه قد شغلته لفظة لغوية في أدب أمة لا