رعيتك في ذمّة جدك ، وقد أخرجنا الجزية إلى سعاتك ، فلم تكلفنا غيرها ، فقال لهم الامام : ليس الجزية شرطكم ، ولكنّا أجريناكم مجرى اليهود نضرائكم ، حتى ننظر في الأمر بعد ذلك ، ثم أنا أعلمكم بما يجب فإن اقمتم بما شرط على أسلافكم تممت لكم ، فقال النصراني : وما ذاك أيّها الامام ، فقال له الإمام : النّبي صلى الله عليه وآله وسلم صالح سلفكم بأن يدعهم على دينهم ومؤمنهم في بلدهم ، على تسليم اربعمائة أوقية تبرا وأربعمائة حلة من وشي اليمن ، فأختاروا الآن اما تسليم ذلك وادعكم على الحال التي وادعكم عليها النبي صلي الله عليه وآله وسلم أو تسلمون فلا أسألكم إلّا ما أسأل المسلمين ، فقالوا يا مولانا : ذلك حين كان سلفنا يملكون الوادي أو أكثره ، ونحن اليوم جيران مستضعفون ، وقد صالح ابن عمك الهادي بصلح فاقبله منا ، فقال لهم : الامام ان الهادي لم يدع معكم الاماروني أعوانه دونه ، واليوم قد أيّد الله دينه باعوان أولى قوة وعزّ فانظروا لأنفسكم ، فتقدم أشياخ من بني الحارث وسألوا الامام أن يجريهم على قبض الجزية والمعونة إذا سئل المسلمون معونة غير زكواتهم فأوجب لهم ، قال مؤلّف سيرته : فسألنا الإمام عليه السلام لم ترك النّصارى من شرط رسول الله صلى الله وسلم عليه ، فقال : لسبب أنا أبصر به منكم وأعرف بالسيرة في ذلك (١)
رجوع الإمام إلى صعده
لما أكمل الامام أمر نجران عاد إلى صعدة ، وعزم على ان لا يرد المليح بن ابراهيم بن محمد بن المختار على عماله نجران ، وخشى أن يكون من تفريط فيجرى مثل الذي جرى ، وكذلك عزم على عزل أخيه يحيى بن محمد من ولاية البون وريدة ، فلما علموا بذلك سألوه أن يثبتهم على
__________________
(١) انظر هذا في اللآلىء المضيئة للشرفي (خ).