تأملت دولة الحبشة في ابتدائها وانتهائها ، فرأيت ابتداءها برجل مبارك ، وهو الحسين بن سلامة ، وانتهاءها برجل مثله ، وهو هذا سرور رحمه الله ، وقال الديبع في كتابه بغية المستفيد (١) وفي أيام وزراء آل نجاح عمل القاضي الرشيد أحمد بن الحسين بن علي بن ابراهيم بن الزبير الغساني الاسواني المجري الذي يدخل مدينة زبيد من النّاحية الشرقية بحكم الهندسة وكان أوحد عصره في ذلك انتهى.
وقعة الشرزة (٢) أو نجد شيعان ودخول الإمام صنعاء
بينما كان الإمام مشغولا بحصار صعدة إذ بحاتم بن احمد يتوغّل في الجهة الشمالية ، ويقصي عنها عمّال الإمام فأخذ قلعة ضهر (٣) ، ونجر (٤) ، وتقدم لحصن ضباعين (٥) فأخذه ، وسار إلى شوابه ، وكاد أن يستولي على سائر تلك الجهات ، فترك الإمام صعدة وانتقل إلى الظّاهر ، ثم إلى الجوف ووصله حاتم بن معن بن الغشم مناويا لحاتم بن احمد فبايعه وكان قد استدعاه زيد بن عمرو كبير جنب إلى ذمار ، فانتهز الإمام الفرصة وهرع الى ذمار ، وكانت قد خربت وأقفرت عن السكان ، ولم يبق بها ديّار ، فلما دخلها الإمام بذل جهودا كبرى واستنفذ كل قواه في سبيل إعادة عمرانها واصلاح ما أفسدته مساعي زيد بن عمرو ، السّاعي في خرابها فتراجع إليها أهلها ، وعمروها ، وشكروا صنيع الإمام ، ثم إنه انتقل منها إلى بلاد جنب ومعه زعيمها زيد بن عمرو ، فأقام فيهم تسعة أشهر يعدّ العدة لمنازلة حاتم بن احمد ، ومهاجمة صنعاء ، فاجتمعت إليه القبائل من جنب وعنس ومذحج ، وزبيد ونهض بهم نحو
__________________
(١) بغية المستفيد ص ٦٤.
(٢) قاع معروفة في بلاد سنحان على مقربة من قرية شعسان وعلى حدود خولان الطيال.
(٣) ضهر. واد بالقرب من صنعاء بمسافة سبعة كيلو وحصنه سمي فده (فلعله المعنى هنا).
(٤) نجر : بلدة اثرية في بني حجاج ناحية عيال سريح بالجنوب من عمران بمسافة ٣ ك. م.
(٥) ضباعين بلدة عامرة من آل يحيى من جبل عيال يزيد.