مهدي بن علي ، فكان عبد النبي يتولّى أمور المملكة ، وأخوه مهدي أمور الجيش والسّرايا فاستباح بلادا كثيرة وقتل قتلات عظيمة ، واغار على لحج مرتين إحداهما في شعبان سنة ٥٥٦ والثانية في رمضان سنة ٥٥٨ فقتل من أهل [لحج](١) في الغارتين عددا كبيرا وسبى الحريم ، ونهب أموالا كثيرة وقيلت في ذلك الأشعار منها قول الهندي (٢) الشاعر :
أتشرب الخمر في ربا عدن |
|
والبيض والسمر في الحصيب ظما |
كلا ومهدي فارس بطل |
|
وصدر حيزوم يملأ الحزما (٣) |
ثم أغار على الجند في شوال من السّنة المذكورة فحصرها أربعة عشر يوما ، ودخلها غرة ذي القعدة سنة ٥٥٨ فقتل اكثر من وجد فيها من صغير وكبير ، ورماهم في البئر التي في المسجد وحرق أكثر دورها وأحرق المسجد بمن فيه من الضعفاء والعجائز ، واموال الناس والكتب ، والمصاحف وقتل أهل قرية الذنبتين (٤) ، وكانوا قد اختفوا بأكمة ذي عراكض (٥) فدل عليهم صوت حمار لهم ، فطلع اليهم وقتل منهم جماعة ، وقتل أهل قرية العربة واخرب مسجد الجند ، وعاد إلى زبيد وقد أصابته طائرة (٦) تفطر منها جسمه ، بعد أن ظهر به شبه أحراق النار ، فلم ينزل إلّا في محفة قد فرشت بالقطن المندوف ، فلما صار في زبيد توفي مستهل ذي الحجة في السنة المذكورة
__________________
(١) ساقط من الأصل.
(٢) كذا في الأصل وفي العسجد المسبوك ص ١٣٦ (ابن الهنيني) وفي قرة العيون ج ١ ص ٣١٦. (ابن الهيبي).
(٣) هذه رواية الخزرجي وبغية المستفيد وقرة العيون وأنباء الزمن (ص).
(٤) الذّنبتين : قرية خربة من بادية الجندي.
(٥) موضع قبلى الذنبتين انظر (العسجد المسبوك ص ١٣٧).
(٦) هو المعروف عند اطباء العرب بمرض الطير وهو مرض جلدي يصيب الأعضاء الداخلية.