تمهيد في التاريخ اليمني
(اليمن في مدارج التاريخ) (التاريخ وفوائده) (١)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
من القضايا المسلمة تقدم العلوم والمعارف في هذا العصر ، وارتقاء العقل البشري إلى غاية قصر عن التحليق فيها الآباء منذ أحيال قديمة ، ومن الفنون التي بلغت أقصى ما يتصوره العقل من العناية والاتقان فن التاريخ (٢) ومعرفة أحوال الأمم ، إذ من بين صحائفه تشرق أنوار الهداية ، ومن أسفاره تشع شموس الدراية ، وفي حوادثه وما يلابسها من نعم وبؤس وإقبال وإدبار وما يتخلل ذلك : من قيام ممالك ، وهلاك أمم ، وسقوط عروش ، وزوال تيجان ، عبرة وأية عبرة ، ونذير مبين ، يحذر بلسان الأبدية غب المآثم وعاقبة الإعراض والإيغال في الجرائم.
ومن قمته الشامخة تستعرض مواكب العالم في مشارق الأرض ومغاربها ، وتلتمس معارف الشعوب ورقيها وادابها وحضارتها وأخلاقها وعلومها وعمرانها ومعتقداتها وكل ما له صلة ما وعلاقة بحياتها.
فإذا ما أراد الإنسان مرافقة الأمم ، ومسايرة الشعوب ساميّها وآريّها ،
__________________
(١) الحكمة ١ العدد ٦ ، السنة الثانية ، المجلد الثاني ، ربيع الثاني ١٣٥٩ ه (مايو / يونيه ١٩٤٠ م) ص ١٢٥ ـ ١٢٩.
(٢) التاريخ ومتعلقاته كعلم الاجتماع والاقتصاد والجغرافية وعلم الكتابات القديمة والعاديات والنقوش والآثار وعلم السجلات والاحصاء والنقد والمسكوكات وغير ذلك من العلوم التي كانت مجهولة أو بعضها عند العرب. اه