يحيى ، فتغيب من الإمام لأنه لم يحسن السيرة ولاقاء للإمام ، فأقام بيناع أياما راسل فيها اهل الهجر ، وحرضهم على الجهاد ، وحثّهم على متابعته ، وكانوا قد تقاعدوا عن نصرته وقالوا إلى حاتم بن أحمد ، فتابعوه ، وأجابوا ، ثم تقدم الى نواحي ذمار عن طريق خولان ، وقد انضم اليه جميع من مرّ بهم من القبائل كخولان وجنب ومذحج وغيرها ، وأصبح ذا قوة كافية لإخضاع حاتم بن أحمد وغيره ، فجاهر هذه القبائل بأنه يريد بهم غزو عدن ، فخاف حاتم بن أحمد ، وهرع إلى ذي جبلة ، وطلب من الدّاعي محمد بن سبأ الزريعي صاحب عدن ، أن يلاقيه إلى ذي جبلة فلم يتأخر محمد بن سبأ ، ولما أتفقا عرض حاتم بن أحمد مسألة الإمام والتفاف قبائل البلاد حوله ، واتفاقه معهم على مهاجمة عدن أول المحرم سنة ٥٤٨ ، وعرفا أنّه لا طاقة لهما بحربه ، فعدلا إلى استخدام المال ، وبذل محمد بن سبأ لجنب عشرين ألفا ولمذحج قريبا منها وفرق في رؤساء العسكر وغيرهم ، كميات وافرة ، ولما رجع أحمد بن حاتم بهذه الأموال وفرّقها على المذكورين ، أجمع رأيهم على مصارحة الإمام بما ارتكبوه من الدناءة ، فسار إليه ألفان منهم ، وهو برداع (١) العرش ، وقالوا له : يا مولانا قد أخذنا بسببك (لقمة كبيرة وإنّا نحب ان تسوّغها لنا) وتهب لنا صنعاء وعدن ، في هذه المدة ، وتخرج بنا حيثما أحببت إمّا لشبوة (٢) ، واما لبيحان ، (٣) واما لحضرموت ، أو نجران أو الجوف ، أو صعدة ، فقال : أما صعدة ونجران والجوف ، فهي لي ومن قبلي ، وأمّا غيرها فإني أخاف أن تحصل لكم لقمة أخرى فتأخذونها ، وغضب لإرتكاسهم في مهواة الأطماع ، ورجع عنهم إلى عمران عن طريق
__________________
(١) مدينة بالشرق من ذمار بمسافة ٥٣ ك. م وهي المعروفة برداع الكبرى وقيل لها رداع العرش ليفرق بينها وبين آخر تحمل نفس الاسم.
(٢) مشبوة : منطقة اثرية بين مأرب وحضرموت.
(٣) بيحان : بلدة في الجهة الجنوبية من البيضاء وفي جهة الشرق الجنوبي لحضرموت.