وثاروا على همدان وسط المدينة ، فتمكّن الجند الهاجم من إحتلالها ، وتحصن السّلطان وخاصته بغمدان (١) ، وأسرع بإرسال رسوله إلى الإمام يطلب الأمان له ولمن معه فأمّنه ، ولما خرج لمقابلته إلى بيت بوس وشاهد كثرة من اجتمع لحربه مع الإمام انشد : (٢)
غلبنا بني حوا بأسا ونجدة |
|
ولكننا لم نستطع غلب الدهر |
فلا لوم فيما لا يطاق وإنما |
|
يلام الفتى فيما يطاق من الأمر |
وبعد أن عفا عنه الإمام طلب منه البيعة ، فبايعه ، ودخل الإمام في اليوم الثاني صنعاء دخولا معظما ، نظمت فيه القصائد ، وهنّته الشعراء وأقبل عليه النّاس من كل جهة ، واستعمل على القضاء بصنعاء القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام (٣) ، وأما السلطان حاتم فانه أنتقل إلى المنظر (٤) ، واستقر بها برهة ثم بلغ الإمام عنه ما غيّر الصفو بينهما فالتقيا الى عرم السدّ وافترقا على غير طائل وسار حاتم الى حصن الظفر (٥) ووقف حتى تفرقت الأشراف وزحف إلى صنعاء فخرج الامام لحربه إلى شعب الجن تحت براش ، وكانت بينهما مناوشة.
وفي الخزرجي (٦) : أن الإمام لما أطلع على البيتين المتقدّمة نهض بعساكره من ذمار إلى موضع من بلاد سنحان يقال له الشرزة ، وكانت عساكره ثمانين ألفا منها ألف وخمسمائة فارس ، والباقي رجّالة وكان المصاف في
__________________
(١) يعني قصر غمدان في الجهة الشرقية من المدينة.
(٢) انظرهما في العسجد ص ٧٥ وقرة العيون ج ١ ص ٢٩٢ وغاية الأماني ص ٣٠٢.
(٣) هو شيخ العلماء ومفخرة اليمن رحل إلى العراق لطلب العلم ونقل علومها وألف المؤلفات الكثيرة وفاته نحو سنة ٥٧٣.
(٤) هو المعروف بالروضة تحت صنعاء من جهة الشمال لمسافة ٥ ك. م وقد تنسب الى حاتم المذكور فيقال لها روضة حاتم لأنه أول من أسسها.
(٥) وفي بعض المصادر المظفر راجع الخزرجي (ص).
(٦) الخزرجي : العسجد المسبوك ص ٧٥.