علي الهامي مؤدّب أولاد الوزير المذكور (اذكر اني جلّدت مدائح الوزير في عشرة أجزاء كبار (١) من شعر المجيدين من الشعراء) ولم يكن نائله محصورا على مرتزقة الشعراء فحسب ، بل كان ندى الكف كذلك لقاصده وطالب رفده ، تصدق على فقهاء الحنفية ، والشافعية ، بما أغناهم من الأرض ، وفي أيامه قصد ابن نجيب الدولة الاستيلاء على زبيد فصده منّ الله الفاتكي وهزمه شر هزيمة كما تقدم.
وكان مع هذه الخلال فاسقا متهتّكا ، زير نساء (لا يرسل الساق إلّا ممسكا ساقا) ثم أنه تطاول ، وطمحت نفسه إلى الملك ، فاحتال على سيده وقتله بالسمّ ، وملك ولده فاتك بن منصور ، وهو إذ ذاك طفل صغير ، وكان أبوه قد توفي عن أكثر من ألف (٢) سرية سراريه وسراري أبوه وغيرهما من آل نجاح ، فأمتدت إليهنّ يد منّ الله المذكور ، وعبث بأعراضهن ، ولم ينج من شره إلّا عشرين حظايا منصور بن فاتك ، فيهنّ الحرة علم ام فاتك الملك الطفل ، ثم ان هذا الوحش ، أراد ان يفترس ابنة معارك بن جياش ، وكانت موصوفة بالجمال ، فأفتدت نفسها منه بأربعين بكرا من جواريها ، فلم يقنعه هذا الفداء ، وعند ذلك دبرن حيلة للخلاص من شره ، فاحتالت بعضهن ومكنته من نفسها ، وبعد أن أكمل عمله ، مسحت مذاكيره بمنديل مسموم فهلك من ساعته ، وخرجت مسرعة ولحقت بالحرة علم ، ودخل عليه ولده فوجده لا حراك به ، فدفنه في إصطبل داره ، وغيّب قبره ، ومن آثار هذا الوزير سور مدينة زبيد ، بعد الحسين بن سلامة ، وكانت وفاته سنة ٥٢٤.
__________________
(١) وفيه مبالغة ظاهرة (ص).
(٢) هذه رواية الخزرجي واصحب قرة العيون ، ونحن نعتقد انها لا تخلو عن المبالغة فإن هذا العدد الكبير تضيق به قصور بغداد العباسية ومصر الفاطمية. ووو. فتأمل (ص) قلت : الخزرجي والديبع وقعا صريعي عمارة الذي نقلا عنه ، وقد أكثر في تاريخه من المبالغات والأساطير ولم يكن من يزاحمه في كتابة التاريخ في عصره حتى يصحح هفواته فالله المستعان.