له فتح تهامة (١) وبعد تلك الحادثة التي أمضّت قلوب كثير من القبائل دبّر الناس الحيلة ، وتشاوروا ، وأجمعوا على مناجزة الصليحي ومقاومته ، وفي مقدمتهم الشريف الفاضل القاسم بن جعفر والإمام حمزة بن أبي هاشم ، وتحمّس النّاس واستعدوا ، واتصلت الأنباء بالصليحي فكتب إلى الشريف القاسم كتابا يقول فيه : أما بعد فان الله لو أراد للنّملة صلاحا لما جعل لها جناحا ، وأفاض في الوعيد والتهديد ، وذّيله بأبيات منها :
هذا اليقين وخيل الحق مقبلة |
|
تحثّ في نقعها جرى السراحين (٢) |
هناك لا تنفع الرسّى (٣) ندامته |
|
وعض إبهامه في الوقت والحين |
فيال همدان لا يغرركم طمع |
|
الى الغرور حبالات الشياطين |
الخ ..
فأجاب عليه الشريف الفاضل بكلام طويل منه : وقفنا على كتاب رجل قد طما في بحر الغرور وعلا في أسفل الأمور ، يخبط العشوى في تجبره ، ويمشي الخيلا بتكبره ، إلى أن قال : فلا يغره يازل وما قتل فيه من فارس وراجل ، فأنها امنيّة خدعتهم ، وعددهم فاجأهم ، فلو تأهبوا لقتاله ، وأخذه ونزاله ، لضاق به الفجاج ، وكثر منه الإرتجاج ، وهم الآن قد أصلحوا السلاح ، وثقفوا الرماح واثقين بإزالة الدولة عنه للبراهين التي قد لاحت ، وللأمور التي قد أتى وقتها وفاحت ، لما أتى في محكم التنزيل ، وفسره أمير المؤمنين ، فالأمر صائر إلى أربابه حقّا ، والفرع عائد الى نصابه صدقا ، وكتب أبياتا يقول فيها :
هذي اليقين واللاي عز الديني |
|
ليس الوعيد ولا الارجاف يثنيني |
__________________
(١) سيأتي ان فتح تهامة انما تم بعد قتل الأمير نجاح بالسم الذي دسّه إليه الصليحي سنة ٤٥٢ كما سيأتي (ص).
(٢) جمع سرحان : وهو الذئب.
(٣) يعني به القاسم بن جعفر الغياني.