البدن واستدرار الأرزاق تركب إليها متون البحار إلى سائر الأقطار.
إذا نزل الربيع بأرض قوم |
|
رعيناه ولو كانوا غضابا |
٢ ـ والتغلب والاستيلاء يكون في دور العصبيات أو الوطنية التي قامت مقامها في القرون الأخيرة ، واتساع المطامع وحب السيادة ، ويكون على المجاور قبل البعيد حفظا لخط الرجعة ، ويدل على ما للدولة أو الأمة من قوة الساعد ومضاء العزيمة وبذل الدماء العزيزة لتشترى بها الأموال الغزيرة. أما في دواخل المملكة الواحدة فهو عيث وفساد ومن علامات ضعف الحكومة وانشقاق وحدة الأمة وافتراق كلمتها واختلاف جماعتها واستعدادها للفقر للعاجل ، والانخذال أمام كل طارق أو منازل. وفي دور الحماية انقطعت مشاغبات القبايل بالمملكة التونسية وتمهدت طرق الأمن وعمرت الطرقات في القفر مثل شوارع المدن.
ومن الذين طوحت بهم الأسفار في الفتوحات من العرب فيما يرجع لإفريقيا عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة ٢٧ والعبادلة الذين معه وأبناء فاطمة الزهراء ، وجيشه الذي به عشرون ألفا اجتازوا صحراء برقة من مصر وتجازوا قابس وصمموا على سبيطلة بعد الاستراحة في بسايط القيروان الآن. ورجعوا بعد خمسة عشر شهرا بثلاثمائة قنطار من الذهب صلحا أو مليونين ونصف من الدنانير التي ضربها جرجير باسمه وصورته مستبدا على القسطنطينية ، عدا ما ناب الفرس وهو ثلاثة آلاف دينار وفارسه ألف دينار والراجل ألف وكذا الخمس أربعمائة ألف دينار. ثم جيش عقبة بن نافع عام ٦٢ إلى شاطئ المحيط الأطلانتيكي الذي خاضه بقوايم فرسه بعد أن سبح في بحار الرمال بالسودان.
ثم موسى بن نصير سنة ٩٣ من القيروان ، وابنه عبد العزيز من بعده إلى دروب جبال البيريني وفجاجها حتى مسك بعنان فرس موسى حنش الصنعاني وذكره في عواقب الإبعاد في الترحال وما جرى لعقبة من تألب أمم البربر عليه وسد الطرق في وجهه عند رجوعه. ومعلوم أن الإيغال في الفتح والإبعاد في السفر ، من أسباب الخطر. وسيأتي ما جرى لأبي الحسن المريني ملك المغرب الأقصى لما رام ضم