وحال سكان كرونوبل وما حواليها كما وصفوا أهالي غرناطة. حريمهم حريم جميل موصوف بالحسن وتنعم الجسوم واسترسال الشعور ونقاء الثغور وطيب النشر وخفة الحركات ونبل الكلام وحسن المجاورة. ولهن التفنن في الزينة والمظاهرة بين المصبغات والتنافس بالذهبيات والديباجيات. غير أن نساء كرونوبل لسن بقصيرات مثل نساء غرناطة ، كما أن مدينة غرناطة جاءت في مرتفع تقصر دونه مدينة كرونوبل.
فكأنهما تعاوضا في هذا السبيل. وماء هاته الجهات عذب بارد زلال. وإني لأعجب من السكان كيف عدلوا عنه إلى شرب الخمر وما رأيت في فرانسا ماء أحسن منه عذوبة.
عذب إذا ما عل فيه ناهل |
|
فكأنه من ريق حب ينهل |
عذب فما ندري أماء ماؤه |
|
عند المذاقة أو رحيق سلسل |
فالهواء والماء ، والتراب والسكان وكل ما في كرونوبل جميل. وإذا كانت هاته المقاطعة بمنزلة الرأس من فرانسا فكرونوبل بمنزلة العين النجلاء منه. ولا أدري هل هي كذلك وعلى هذا الوصف في نفس الواقع؟ أو تجلت لي خاصة بهذا التصنع؟
وإذا كان هذا فما هو السبب يا ترى؟؟
هل لكونها أول أرض أقمت بها في فرانسا ورأيت بها ما رأيت؟
أو لما لاقيته من جميل المعاملة بها؟ أو لجاذب روحي وتعارف قديم بين العنصر الإفريقي والكولوا في تلك المقاطعة التي لا زالت ترفرف فيها طيور الأرواح على أوكار الأشباح؟؟
فيزيل : ركبت يوما سيارة مع صديقنا دالبايرتو إلى قرية فيزيل جنوب المدينة بنحو خمسة عشر ميلا ، وشاهدنا قبل الوصول إليها مع نهر (دراك) وما أدريك. معامل الكهرباء المتولدة بقوة انحداره ، فأنتجت قوة ونور وحرارة هذا السيال الشبيه بالروح المعلوم النفع والمجهول الأمر منافع عظمى بالمدينة وضواحيها في تسيير القطارات وإدارة الماكينات وإضاءة المنازل والطرقات. وقفت على معامل الكاغد يوتى لها بحطب