نهج لاليبايرت ، وبجنوبها الشرقي بستان النباتات تحت أسوار المدينة. وهاته الحارة من المدينة بها الحركة العلمية كمكاتب التعليم وديار الآثار والكتب والإدارات ونحو ذلك. هذه هي صورة مدينة كرونوبل التي لا ينقصها إلّا تعميم فرش شوارعها حيث البعض منها مفروش بألواح غير تامة ولا ملتحمة يتعثر فيها المارة ويثور من بينها القتام في طريق الألزاس واللورين. ومثل هذا الغبار على وجه مدينة كرونوبل مما ينقص من جمالها الوافر اللهم إلّا إذا كانت الغبرة تعد من المحسنات في بعض العادات. يزيد سكان المدينة عن سبعين ألفا ، وارتفاعها على سطح البحر أمتار ٢١٤ ، وأما شكلها فيشبه سفينة فينيقية أو هيئة هلال طرفاه في الشمال أيمنهما شبه جزيرة ليل فايرت ، وطرفه الأيسر شبه جزيرة صان مرتان بين نهري إيزاير ودراك. والعمران قليل في هاذين الطرفين والمحاق من الهلال هو موقع الجبل الشمالي من المدينة ، وبه الثكنات العسكرية التي لا تقع على أسرار ما بها أنظار العموم. ومعلوم في فن الفلك أن مكان المحاق من الهلال لا تقع عليه أشعة بصر الشمس. وعلى رأس الطرف الأيمن من ذلك الهلال نجم مضيء هو قرية لا طرونش التي بها الجمال الرايع والبناءات اللطيفة. ويقابلها بداخل جزيرة ليل فايرت منازه ورحاب. والمدينة في سهل تحيط بضواحيها المروج النضرة والغابات والمعامل المحكمة والقرى المتعددة ، والسكك الممدودة وتيجان الجبال الشواهق وشرافات الأطواد الشوامخ ، طال عليها أمد الوقوف في حراسة ملكة هذا القطر ، والعروس المتجملة بين مدن هذا الصقع ، فشابت مفارقها ببياض الثلوج وكأن ملكة الطبيعة أرادت أن تكافئ الحراس عن حسن الصنيع وثبات الموقف فأفرغت عليهم الحلل الخضر وجمّلتهم بالعمايم البيض فازدادت محاسن أفق كرونوبل وتشابهت وتجمعت بها المروج والجبال والغابات والأنهار والرياض والبناءات في صعيد واحد فهي سهلية جبلية بحرية ، يرضى بها المحرور والمقرور. يتمتع المقيم في البلد بطيب الهواء المعتدل ومناظر الجبال ، وبالأخص جبل لاموشوروت المطل على المدينة من الجنوب الغربي. كما تنال عينه الغابات والأنهار وهو بسكك المدينة. والعاصمة القديمة لعمالة دوفيني التي جاءتها التسمية بكرونوبل من النسبة إلى الإمبراطور الروماني كراسيا في أواخر القرن الرابع مسيحي ، وبقي بها لقب آخر الآن أخذته شعارا وتذكارا من انتشار العرب بالعدوة الشمالية من البحر الأبيض الرومي ،