تجاههما بدقة ، ويتصرّف بحكمة ، ويتجنّب الاسترسال في موقف إيجابي أو سلبي.
وهكذا روى المفسرون حديثا عن الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ نستلهم منه معنى إيجابيا للفتنة ، وأنّها لا تعني طرد الأولاد أو نبذ الأموال ، بل التصرّف الحكيم معها. الحديث كما يلي :
روى عبد الله بن يزيد عن أبيه قال : كان رسول الله يخطب فجاء الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله إليهما فأخذهما فوضعهما في حجره على المنبر ، وقال : «صدق الله عزّ وجل : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) نظرت إلى هذين الصبيّين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما» ، ثم أخذ في خطبته (١).
[١٦ ـ ١٧] وليس من درع يتحصّن به المؤمنون ضد الفتن أفضل من تقوى الله ، لأنّها الحبل المتين الذي يوصل الإنسان بربه في كل مكان وفي كل لحظة من عمره ، وفي كل سعي وقول يصدر عنه. هذا أوّلا ، وثانيا : السماع لله ولرسوله والطاعة لهما ، وثالثا : الإنفاق في سبيل الله والتضحية بكل ما يملكه الإنسان ، فإنّ ذلك هو السبيل المستقيم لنيل ما عنده تعالى من الأجر ، والإنتصار على شح النفس الذي هو أساس كل انحراف في حياة البشر ، وبالتالي الفلاح الحقيقي في الدنيا والآخرة.
(فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)
وهذه الآية بيان لقول الله في موضع آخر : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (٢) ، وذلك
__________________
(١) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٠١
(٢) آل عمران / ١٠٢