غضاضة ، ولا يطالبهم بالغرامة ، وما أشبه.
[١٥] وقد لا تبدر العداوة من قبل الأسرة تجاه المؤمن ، ولكنّه يفتتن بهم أو بماله ، ولربما نجد البعض تحرّضه زوجته أو أسرته على الجهاد ولكنّ تفكيره في مستقبلها بعده يمنعه من الإقدام عليه ، لذلك حذّرنا الله عن ذلك بقوله :
(إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)
قد ينجح المؤمن في مواجهتها وقد يفشل ولكنّها كلّها بالحصر ودون استثناء فتنة ، أي أنّها تضعه أمام مفترق طريقين : أحدهما الحق والآخر الباطل ، وتثير فيه نفسه الأمارة والأخرى اللوامة ، ليختار بعقله ويمشي بإرادته في أيّهما شاء.
(وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
وإنّما يذكّر ربنا بهذه الحقيقة لأنّ الإيمان الصادق بها كفيل بأن يدفع الإنسان لتجاوز الفتنة بنجاح فيختار ما عند الله على ما في الدنيا ، كما أنّ هذه البصيرة ترغّب المؤمن ليسخّر الأموال والأولاد في سبيل الحصول على ما عنده تعالى ، وليس جعلها عقبة دون ذلك ، وفرق بين الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ الذي جعل أولاده وأصحابه وأهل بيته وأمواله وسيلة للتقرّب من الله وبين الزبير الذي أدخله افتتانه بولده عبد الله في حرب مع وليّ الله وحزبه في موقعة الجمل ، فقال عنه أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ يصف عامل الانحراف في حياته : «ما زال الزبير رجلا منّا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله» (١) ، لأنّه الذي دفعه الى حب الدنيا والرئاسة ، وحرّضه على الحرب ضد الإمام ـ عليه السلام ـ. وهذه البصيرة تجعل المؤمن يتصرّف تصرّفا معتدلا مع أمواله وأولاده ، فلا يفرط في حقّ أبنائه ، ولا يبذّر في صرف أمواله ، إنّما يتبع طريقا وسطا يزن كلّ موقف منه
__________________
(١) نهج / حكمة ٤٥٣