من وجهين :
الأوّل : أنّ الله سبحانه حينما فرض التقوى على الإنسان أعطاه من الاستطاعة ما يمكنه بها إحرازها كما يريدها منه تعالى ، قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ : «ما كلّف الله العباد كلفة فعل ولا نهاهم عن شيء حتى جعل لهم الاستطاعة ثم أمرهم ونهاهم» (١)
وقال ـ عليه السلام ـ : «وإنما وقع التكليف من الله تبارك وتعالى بعد الاستطاعة ، ولا يكون مكلّفا للفعل إلّا مستطيعا» (٢) كما قال تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٣). إذن فتقوى الله بقدر ما يستطيع الإنسان هي نفس حقّ التقاة.
الثاني : أنّ تقوى الله حقّ تقاته تختلف من إنسان إلى آخر باختلاف الظروف والإمكانات الذاتية ، فتقوى الأعرج والأعمى والمريض تختلف عن تقوى السليم في بدنه ، وتقوى العالم تختلف عن تقوى الجاهل ، وتقوى السجين تختلف عن تقوى الحر ، وهكذا .. فإذا ما بذل الإنسان كلّ ذرّة من جهد يستطيعه فقد اتقى ربه حقّ تقاته عمليّا. ولذلك فرّق تعالى في الكم بين إنفاق الموسع والمقتر فقال : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) (٤).
ونستوحي من الآية : أنّ المؤمن يجب أن يكون واقعيّا في نظرته إلى الدين ، فيتقي الله حسب استطاعته ومكنته ، وإذا لم يستطع فلا يؤنّب نفسه ولا يقنط من
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٤٣
(٢) المصدر
(٣) البقرة / ٢٨٦
(٤) الطلاق / ٧