العفو والصفح والغفران.
(وَإِنْ تَعْفُوا
وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا)
وهذه ثلاث
درجات لصفة واحدة هي التنازل عن الحقوق الشخصية بالسماحة وسعة الصدر لصالح الأسرة.
وينبغي للمؤمن أن يسمو بنفسه إلى آفاق الحلم والسماحة تخلّقا بأخلاق الله ،
ويتحمّل بعض الإساءات من أجل جذب أسرته إلى الرسالة.
(فَإِنَّ اللهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ)
يغفر
للمتسامحين ويرحمهم ، وهي أعلى درجات التسامح. وتحسس المؤمن بحاجته إلى غفران الله
ورحمته لا شك يدعوه للتلطّف بمن هو تحت يده وقدرته.
ونعود الآن إلى
معنى الكلمات الثلاث : (العفو ، الصفح ، الغفران) ، فالعفو هو التنازل عن حقّ
الانتقام والمماثلة في القصاص وبالذّات عند المقدرة ، والصفح درجة أرفع ، إذ قد
يتنازل الإنسان عن حقّه في الاقتصاص مثلا ولكنّ علاقته مع الطرف الآخر تبقى كدرة
بسبب الإساءة ، أمّا إذا صفح عنه فهو يطوي صفحة الماضي ويفتح صفحة جديدة فتعود
علاقته الظاهرة به علاقة طبيعية ، وليس بالضرورة أن تزول الآثار النفسية الداخلية
بذلك ، بلى. إذا غفر أزال حتى هذه الآثار ، بل وتنازل عن طلب الانتقام من الله عزّ
وجل. وهذه الصفات ينبغي أن يتحلّى بها المؤمن تجاه أسرته والآخرين على كلّ حال وفي
كل الظروف ، وبالذّات عند ما يحتدم الصراع المبدئي بينه وبينهم ، فإنّ هذا الصراع
ينبغي أن يبقى في حدود المبدء ولا يتحوّل إلى صراع شخصي مستمر ، فإذا عادت زوجته
التي كانت تمنعه من العمل في سبيل الله إلى رشدها أو اقتنع أبواه وسائر أسرته فإنّ
عليه أن ينسى الإساءات التي صدرت منهم تجاهه ، ولا يذكّرهم بها ، ولا يحمل في نفسه