الرابعة ، ومنهم من يعرج إلى العرش باختلاف فضلهم عند ربّ العالمين.
أما الروح فهو أعظم من الملائكة ، ولعلّه الخلق الذي يؤيّد به الله ملائكته الكرام وأنبياءه وأولياءه الأبرار ، ولعلّه سمّي جبريل ب «الروح الأمين» لكونه مؤيّدا ـ عليه السلام ـ بالروح.
[٥ ـ ٨] ومن فتح آفاق المتدبر على الزمن بالحديث عن العروج يعالج القرآن مسألتين :
الأولى : تتصل بالداعية إلى الله ، وهو يواجه تحديات الكفّار بالرسالة ، وبالضبط يواجه تحدي الزمن في الاستقامة على الحق ، والاستمرار في الطريق حتى يفتح الله. فإنّ أكثر الناس قادرون على اتخاذ قرار الجهاد في سبيل الله ، ولكنّ القليل منهم يقدرون على الاستقامة مع طول الأمد وتراكم التحديات المضادة.
وإنّما يفتح القرآن آفاق المؤمنين على المعادلة الحقيقية للزمن ، ويؤكّد على أنّ الزمن الدنيوي ليس المقياس ، وإنّما معادلة الزمن تقاس باليوم الواحد خمسين ألف سنة ، كل ذلك ليسهّل الاستقامة في أنفسهم ، فلا يعدّ واحدهم حتى الصبر سنيّ عمره مجاهدا في سبيل الله شيئا كثيرا ، بل يعتبر عنده ـ أنّى طال به الزمن وامتد ـ أيّاما قصيرة يصبر فيها على الأذى لتعقبه راحة طويلة ، وهكذا جاء الحديث بعد بيان الزمن عن الصبر فقال ربّنا :
(فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً)
وهو الصبر الذي يكون لوجه الله ، والبعيد عن أيّ ضعف أو هزيمة ، والذي لا خروج معه عن الحكمة والصواب. قال أكثر المفسرين : هو الصبر الذي لا شكوى فيه على ما يقاسيه الرسول من أذى قومه ، وتكذيبهم إيّاه فيما يخبر به من الآخرة.