من قصة داود وسليمان عليهما السلام.
وهناك صلة أخرى بين الموضوعين في السياق هي : إنّ الآية السابقة تنذر الكفّار بينما تبشر هذه الآية المؤمنين من خلال قصة داود الذي آتاه ربنا فضلا حين أناب إليه.
(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً)
وهذا الفضل مظهر لاسم الحمد الإلهي ، حيث خص الله نبيّه داود بأمور من دون الآخرين ، وكانت هذه الأمور من أركان وخصائص الحضارة التي بناها (ع).
قال تعالى :
(يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ)
فكلاهما كان خاضعا لداود ، وسخّر له.
(وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)
وكان لتسخير الحديد هدف يشير له القرآن في الآية اللاحقة :
(١١) (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ)
لقد أمر الله داود (ع) بصناعة الدروع السابغة (أي الواسعة) حتى يلبسها المقاتل من غير تعب ، كما أمره بالإتقان في حياكتها ، حتى تكون حلقاتها منتظمة ومتساوية تؤدي كلّ واحدة دورها المحدّد ، ولعل الآية تشير إلى ضرورة الإتقان في العمل ، ولا سيما في الصناعة ، ولكن الصناعة المتقنة كأيّ تقدّم حضاري آخر يجب أن تكون بهدف حكيم هو العمل الصالح.