الخلق من العيش عليها ، وأنشأ حجابا واقيا بين الأرض والسماء ، هو الغلاف الجوي الذي يمنع سقوط النيازك والشهب من السماء على الأرض.
ولكن من الذي يكشف هذا النظام المحكم وما وراءه من عظمة الرب؟
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)
إنّ الآيات وحدها لا تهدي الإنسان الى الحقيقة كلها ، فقد يؤمن بها ويتبعها الفرد فتأخذ بيده الى الهدف ، وقد يراها ولكنه يكفر بخلفياتها وما تشير اليه فلا تنفعه ، والقرآن يقول بأنّ الآيات المبثوثة في الكون تهدي الى الحقيقة ، ولكن على شرط ان يكون المتفكر فيها عبدا مسلّما لله ، فالعبودية والإنابة اذن شرطان للاستفادة من الآيات.
إنّ من مشاكل الإنسان انه حينما يسير في ركاب العلم ، وتنكشف له الحقائق ، وتتضح أمامه الألغاز المهمة في الحياة ، فإنّه لا ينظر الى خلفياتها إنّما ينظر إليها بذاتها ، فهو حينما يكتشف مكوّنات الذرة وهي النواة والإلكترون والبروتون ، ثم يجد أنّ كل عناصر الحياة المادية ومكوّناتها ، تعتمد نفس النظام وهو الذرة ، مع اختلاف التركيب ، لا يهتدي من خلال ذلك الى حقيقة التوحيد ، وان اليد التي خلقت الذرة هي التي خلقت المجرة.
وفكرة أخيرة نستوحيها من الآية الكريمة هي : إنّنا عند ما نتعمّق في فهمنا للآية نجد أنّ القرآن يربط بين فهم الحياة وتزكية النفس ، فكأن الذين لا يتصفون بالإنابة الى ربهم لا يفهمون الحياة فهما حقيقيا.
(١٠) وكما أن لأسماء الله تجليات في الطبيعة ، فإنّ لها تجليات أخرى في تاريخ البشر ، ولعل هذه هي علاقة السياق بين الحديث عن الطبيعة وبيان جانب