قريظة ، مع ان الإسلام حسّاس في موضوع القتل ، فهو يعتبر من يقتل نفسا واحدة كأنما يقتل الناس جميعا (كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (٢) مما يجعل هذا الحكم في ظاهره حكما جائرا في حقهم ، أما حينما نعود الى الواقع فاننا نكتشف صواب هذا الحكم حتى بالقياس الى عادات المجتمع آنذاك ، فالخيانة التي ارتكبها بنو قريظة بنقضهم العهد مع النبي (ص) في ساعة الشدة ، عند ما أعانوا الكفار والمشركين عليه وعلى الامة تستحق ذلك في حكم الشرع ، وفي منطق المجتمع الذي يرفض الخيانة بشتى صورها ، وفي كل الظروف.
فمع ان الحروب والغارات كانت سمة للعرب إلا أن الوفاء بالعهد ، والالتزام بالمعاهدات ، بل والدفاع عن الحلفاء أمر مقدس عندهم ، ولان بني قريظة لم يدافعوا عن رسول الله ، بل وحاربوه مع سائر الأحزاب فإنهم استحقوا ذلك ، وهذا أمر طبيعي تحكم به حتى التوراة.
ثم ان سعد بن معاذ الذي جرح بسهم في جبهته ، في معركة الأحزاب واستشهد بعد حادثة بني قريظة كان صورة للإنسان الذي تأسّى برسول الله (ص) فهو ممن استجاب لقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الآية ، وهو أيضا من المعنيين بقوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) الآية.
(٢٨) ومن هذه الآية ينتهي السياق الى الفكرة الثانية التي تدور حول علاقة النبي (ص) بأزواجه.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها)
فانّ هذا لا يتفق مع اهداف النبي في الدنيا ، ولا تطلعاته في الحياة ولعلنا
__________________
(٢) المائدة / (٣٢).