فرجع حتى لقي رسول الله (ص) بالطريق ، فقال : يا رسول الله لا عليك ان لا تدنو من هؤلاء الأخابث ، قال : «أظنك سمعت لي منهم أذى» فقال : نعم يا رسول الله فقال : «لو قد رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا» فلما دنا رسول الله (ص) من حصونهم ، قال : «يا اخوة القردة والخنازير ، هل أخزاكم الله وانزل بكم نقمته؟!» فقالوا : يا أبا القاسم ما كنت جهولا ، وحاصرهم رسول الله (ص) خمسا وعشرين ليلة حتى أجهدهم الحصار ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ، وكان حيي بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت قريش وغطفان ، فلما أيقنوا ان رسول الله (ص) غير منصرف عنهم حتى يناجزهم ، قال كعب بن أسد : يا معشر يهود! قد نزل بكم من الأمر ما ترون واني عارض عليكم خلالا ثلاثا ، فخذوا أيها شئتم ، قالوا : ما هن؟ قال : نبايع هذا الرجل ونصدقه ، فو الله لقد تبين لكم انه نبي مرسل ، وانه الذي تجدونه في كتابكم ، فتأمنوا على دمائكم وأموالكم ونسائكم ، فقالوا : لا نفارق حكم التوراة أبدا ، ولا نستبدل به غيره ، قال : فاذا أبيتم عليّ هذا فهلموا فلنقتل أبناءنا ونساءنا ، ثم نخرج الى محمد رجالا مصلتين بالسيوف ، ولم نترك وراءنا ثقلا يهمّنا ، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد فان نهلك نهلك ، ولم نترك وراءنا نسلا يهمّنا ، وان نظهر لنجدن النساء والأبناء ، فقالوا : نقتل هؤلاء المساكين ، فما خير في العيش بعدهم؟! قال : فاذا أبيتم علي هذه فان الليلة ليلة السبت ، وعسى ان يكون محمد وأصحابه قد أمنوا فيها ، فانزلوا فعلنا نصيب منهم غرة ، فقالوا : نفسد سبتنا ، ونحدث فيها ما أحدث من كان قبلنا ، فأصابهم ما قد علمت من المسخ ، فقال : ما بات رجل منكم منذ ولدته امه ليلة واحدة من الدهر حازما ، قال الزهري : وقال رسول الله (ص) حين سألوه ان يحكّم فيهم رجلا : «اختاروا من شئتم من أصحابي» فاختاروا سعد بن معاذ فرضي بذلك رسول الله (ص) فنزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فامر رسول الله (ص) بسلاحهم فجعل في قبته ، وأمر بهم فكتفوا وأوثقوا ، وجعلوا في دار