(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً)
وهذا مما يعزز ثقة المؤمنين بربهم ، وهو شعورهم بأنه صاحب الإرادة المطلقة ، ولا ريب ان الذي يحس بأنه مدعوم من قوة لا متناهية سوف يزداد تسليما لها ، واطمئنانا لوعدها ، واستقامة على هداها.
غزوة بني قريظة :
روى الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه ، قال : لما انصرف النبي (ص) مع المسلمين عن الخندق ، ووضع عنه اللّامة ، واغتسل ، واستحم ، تبدّى له جبرائيل (ع) فقال : «عذيرك من محارب ، ألا أراك قد وضعت عندك اللّامة ، وما وضعناها بعد!» فوثب رسول الله (ص) فزعا ، فعزم على الناس ان لا يصلّوا صلاة العصر حتى يأتوا قريظة ، فلبس الناس السلاح ، فلم يأتوا بني قريظة حتى غربت الشمس ، واختصم الناس ، فقال بعضهم : ان رسول الله (ص) عزم علينا ان لا نصلي حتى نأتي قريظة ، فانما نحن في عزمة رسول الله ، فليس علينا إثم ، وصلى طائفة من الناس احتسابا ، وتركت طائفة منهم الصلاة حتى غربت الشمس ، فصلوها حين جاءوا بني قريظة احتسابا ، فلم يعنف رسول الله (ص) واحدا من الفريقين ، وبعث علي بن أبي طالب (ع) على المقدم ، ودفع اليه اللواء ، وأمره ان ينطلق حتى يقف بهم على حصن بني قريظة ، ففعل ، وخرج رسول الله (ص) على آثاره ، فمر على مجلس من الأنصار في بني غنم ينتظرون رسول الله (ص) فزعموا انه قال : مر بكم الفارس آنفا ، فقالوا مر بنا دحية الكلبي على بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج ، فقال رسول الله (ص) : «ليس ذلك بدحية ولكنه جبرائيل (ع) أرسل الى بني قريظة ليزلزلهم ويقذف في قلوبهم الرعب» قالوا وسار علي (ع) حتى إذا دنا من الحصن سمع منهم مقالة قبيحة لرسول الله (ص)