اليّ في كل شيء ، حتى لا أجهلك في شيء» (٢)
(٥٥) لا يتوقع المجرم امتثاله للمحاكمة ، وتراه يسوّف في نفسه الجزاء ، ويتمنّى لو أنّه لا يأتيه أبدا ، ولكن المكتوب عند الله غير ذلك تماما ، فكل يوم يمر يقرّبه إلى يوم الجزاء خطوة وما دامت الساعة آتية ، وما دمنا امتطينا صهوة الأجل ، فلا بد أن نلتقي يوما وإياها.
ولهول المفاجئة يحلف المجرم إنّما لبث ساعة واحدة ، وهي اللحظة العابرة من الوقت ، وهكذا تتلاشى المسافة آنئذ بين لحظة الذنب ولحظة الحساب ، وفعلا ما هي قيمة أيّام الدنيا بالقياس إلى الخلود ، بل ما وزن اللحظات العابرة التي يقضيها المجرم مع شهواته بالأحقاب التي يلبثها عند الجزاء.
وهكذا يحلف المجرم بأنه ما لبث غير ساعة ، ولعلّه صادق بالقياس إلى الموازين التي اختلقها بنفسه فيما يرتبط بالعقاب ، فهو كان يزعم انه لا يأتيه أبدا ، أو إذا كان يأتيه فهو بعيد ، وبعيد جدا في زعمه ، وهكذا كذب على نفسه ، وصرف ذاته عن الحقيقة بهذا التسويف وتلك التمنيات.
(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ)
بأهوالها ، وصعقة مفاجئتها ، وعظيم وقعها في السموات والأرض ، يومئذ ..
(يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ)
وهم الذين ارتكبوا الموبقات ظانين ألّا جزاء ينتظرهم.
__________________
(٢) المصدر / ص (٢٧٢).