إن أسماء الله تتجلى في أفئدة الذاكرين الشاكرين ، فيكونون عباد الرحمن حقا. فتراهم يمشون على الأرض هونا لا أذلاء ولا متبخترين ، ويواجهون الجهل بالسلام ، ويبيتون الليل بالتبتل ، ويتطلعون لاتقاء نار جهنم اللاهبة البئيسة ، وإذا أنفقوا اقتصدوا ، فلم يبخلوا ولم يترفوا.
ويواصل الدرس التالي الحديث عن سائر صفات هؤلاء الصالحين.
بينات من الآيات :
فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً :
[٥٩] يحدثنا القرآن الكريم في هذه المجموعة من الآيات عن أمرين متقاربين :
الأول : الايمان بالله.
الثاني : كيف يتجلى الايمان في سلوك الإنسان الصادق. لتوضيح هذا الأمر لا بدّ أن نتذكر أن هناك فرقا بين الايمان بالله وبين معرفته ـ حقا ـ لأن هناك درجات في مسيرة التوحيد وهناك مفارقات ينبغي أن نعرفها وهي كما يلي :
١ ـ فقد يكون الايمان إجماليا ، كما لو عرف الإنسان أن وراء الاكمة أشجارا ، أو أن وراء الجبل غابة ، وربما يؤمن بذلك عن طريق العلم بكثافة الأمطار وراء الأكمه ، أو وجود الحيوانات المختلفة الآتية من وراء الجبل ، أو عن طريق مخبر صادق يثق به.
وقد يكون الايمان عرفانيا ، وذلك حينما يدخل الغابة أو يشرف عليها من قريب ، ويزداد هذا العرفان كلما أحاط بما في الغابة من جزئيات.
٢ ـ الذين يؤمنون بالله عبر آية واحدة من آياته ، قد لا يندفعون إلى السلوك