فالطغاة من الحكام ، والمترفون ، والمؤسسات الثقافية المضلة .. كل أولئك أصنام ، والإنسان هو الذي يلحق الضرر بنفسه عند ما يخضع لهم ، ويؤيّد الشيطان والكفّار.
ولو لا خضوع البسطاء من الناس واستسلام أصحاب المصالح لما قامت للظلم قائمة. دعنا نقرأ معا حديثا حكيما في ذلك :
عن علي بن أبي حمزة قال : كان لي صديق من كتّاب بني أميّة فقال لي : استأذن لي على أبي عبد الله فاستأذنت له ، فلمّا دخل سلّم وجلس ثمّ قال : جعلت فداك إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم ، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا وأغمضت في مطالبه ، فقال أبو عبد الله (ع) : لو لا أنّ بني أمية وجدوا من يكتب لهم ، ويجبى لهم الفيء ، ويقاتل عنهم ، ويشهد جماعتهم ، لما سلبونا حقّنا ، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلّا ما وقع في أيديهم ، فقال الفتى : جعلت فداك فهل لي من مخرج منه؟ قال : إن قلت لك تفعل؟ قال : أفعل ، قال : أخرج من جميع ما كسبت في دواوينهم ، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ، ومن لم تعرف تصدّقت به ، وأنا أضمن لك على الله الجنة ، قال : فأطرق الفتى طويلا فقال : قد فعلت جعلت فداك. قال ابن أبي حمزة : فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض إلّا خرج منه حتّى ثيابه الّتي كانت على بدنه ، قال : فقسمنا له قسمة ، واشترينا له ثيابا ، وبعثنا له بنفقة (١).
وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً
ان من يعبد الطاغوت بخضوعه يظاهره ويعاونه ضد الحق ، والا فبمن استطاع الطغاة التسلط على رقاب الناس؟!
__________________
(١) بح ٧٥ / ص ٣٧٥.