ذلك الجزء من الآية يتحدث عن الحساب ، بينما يتحدث هذا المقطع عن الجزاء ، وهنا نجد المعادلة بين أول السورة الذي يقول (قد أفلح المؤمنون) وبين آخرها الذي ينفي الفلاح عن الكافرين.
والشرك ليس بالضرورة ان يتصور الإنسان وجود خالق غير الله ، بل قد يكون بطاعة الأشخاص ، من أصحاب المال والسلطة من دون حجة من الله.
[١١٨] ان الإنسان بطبيعته الترابية ، ينجذب الى أرض الشرك ، والتفكير بأن من يرزقه هو أبوه وأمه ، وبأن من يحكمه هو السلطة السياسية القائمة في بلده ، وبأن من يهديه هو الإذاعة والتلفزيون ، ولكن الإنسان بعقله وإرادته وإيمانه يستطيع ان يقتلع نفسه عن هذه الطبيعة اقتلاعا ، ويحلق بها عاليا في سماء التوحيد ، حتى يرى كل الأمور بيد الله الذي يسلم هو له.
ومن مشاكل الإنسان ان هذه الطبيعة تبقى معه حتى إذا صار مؤمنا ، فتارة يستجيب لها وتارة أخرى يتحداها ويتغلب عليها ، والشرك الذي يصيب البشر قد يكون خفيا فلا يخلو قلب من الشرك ، ولكنّ الله يعطي الإنسان المؤمن برنامجا لمواجهة هذه المشكلة فيقول :
وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
ان وقود الإنسان المؤمن هو الاستغفار وقرن الاستغفار بالرحمة ـ في الآية ـ لكي لا نيأس فنترك الاستغفار والتوبة حين الذنب كبيرا كان أو صغيرا.
ونحن بدورنا نسأله ان يرحمنا ويجعلنا من المؤمنين الفائزين بالفلاح.