عليها.
(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى)
نظرة الى الكون فيما حول الإنسان ، كافية بأن تعطيه فكرة هامة هي : إن هذا الكون مخلوق ، لأن كلّ شيء فيه مرتب ترتيبا دقيقا لهدف معين ، فالأرض أعدت للسكن والزراع وتخزين المعادن والمياه وغيرها ، والجبال لترسي الأرض وتصد الرياح وهكذا ..
وحسب حاجات الإنسان والحيوان والأرض والبيئة ينبت نبات الأرض ، وهذا دليل على وجود حكمة بالغة تدبّر هذا الكون.
[٥٤] (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى)
أولى النهى : أولو الفكر ، وقد قال الله عنهم : (يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) ، وأولي النهى ـ أي الذين ينهون الناس عن الانحراف.
[٥٥] (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى)
هذه الأرض هي أمنا الحنون التي خلقنا منها وتحركنا عليها ، ثمّ نعود الى بطنها ثمّ نخرج من بطنها مرة أخرى لكي نحاسب ، هكذا قال موسى لفرعون.
ولعلّ مراد الله في هذه الآية تذكير الطغاة الذين يستعلون في الأرض بغير الحقّ ، ويستعبدون الناس ، تذكيرهم بانّ الناس جميعا من تراب ، فلا تفاضل بينهم في المنشأ ، ويعودون الى التراب ، فلا تفاضل بينهم في المصير ، ويقومون من التراب للجزاء ، وهو الذي يجسّد التفاضل الحقيقي بينهم وذلك بالعمل الصالح.