قال رسول الله (ص) : «نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم» وهذه الفكرة يدل عليها قوله : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) وهي التي تدل عليها الرواية التالية.
الشيء الثاني : خلق التأثير أو بمعنى آخر انه طلب من الله أن يلهم عقولهم التفهم لرسالته ، وكأن موسى يدعو لهم بالعقل : وهذا ما تدل عليه الجملة الثانية (يَفْقَهُوا قَوْلِي).
جاء في تفسير القمي عن الامام الباقر (ع) : «وكان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل كلما يلدون ، ويربي موسى ويكرمه ، ولا يعلم أن هلاكه على يديه ، ولما درج موسى كان يوما عند فرعون ، فعطس فقال : الحمد لله رب العالمين ، فأنكر فرعون ذلك ولطمه وقال : ما هذا الذي تقول ..؟ فوثب موسى (ع) على لحيته وكان طويل اللحية فهبلها ـ أي قطعها ـ فألمه ألما شديدا ، فهمّ فرعون بقتله ، فقالت له امرأته : هذا غلام لا يدري ما تقول ، فقال فرعون بلى يدري ، فقالت : ضع بين يديك تمرا وجمرا ، فان ميّز بين التمر والجمر فهو الذي تقول ، فوضع بين يديه تمرا وجمرا ، وقال له : كل ، فمد يده الى التمر فجاء جبرئيل فصرفها الى الجمر فأخذ الجمر في فيه فاحترق لسانه ، وصاح وبكى ، فقالت آسية لفرعون : ألم أقل لك انه لم يعقل .. فعفا عنه» ..
هكذا أضحى موسى (ع) منذ ذلك اليوم ألثغا.
[٢٩ ـ ٣٠] (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي)
لقد كان هارون أكبر سنا من موسى ، وكان جلال النبوة ظاهرا على محياه ، وكانت مهمات موسى عظيمة ، إذ لم تقتصر على تبليغ رسالات الله فحسب ، بل وأيضا مقاومة طاغوت متجبر كفرعون ، وإنقاذ شعب مستضعف ثمّ قيادته