للحديث اللامسؤول ، أو حتى للتسلية.
وهؤلاء أخطر من المكذبين إذ أنهم يميّعون الحق ، ويفرغون الحديث من محتواه الحقيقي ، ويحولونه الى مادة للجدل ، وقضاء للوقت ، والمباراة وإظهار الوجود ، وبذلك يغيرون نظرة الإنسان الى الكلام من نظرة عبرية هدفها العمل ، الى نظرة ذاتية هدفها التسلية ، ولذلك يجب مقاطعة مجالس هؤلاء وعدم الخوض معهم في جدلياتهم الفارغة ، وتركهم وحدهم يأكل بعضهم بعضا.
(وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)
ولكن كثيرا ما ينسى الإنسان هذا الحكم بسبب تظاهر هذه الفئة بالعلمانية وأنهم إنما يبحثون عن الحقيقة بهذه الجدليات. لذلك ذكرنا القرآن بخطورة النسيان قال :
(وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
لقد سمّى الله هؤلاء بالظالمين بالرغم من تظاهرهم بالبحث عن الحقيقة. لأن من يبحث عن الحق فعلا سيجده من دون تعب ولا حاجة إلى الجدال.
الموقف السليم :
[٦٩] أما الموقف السليم من الحق فهو : الاستجابة له عمليا ، وهي التقوى ، واحترام الحق الذي نبأ به الله ، وحينئذ يكون خط المتقي سليما في اتجاهه العام بالرغم من بعض الانحرافات البسيطة ، أو بعض الاخطاء التكتيكية ، ومع سلامة الخط العام لا يحاسب الشخص بشيء من اخطأ البسيطة.
(وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)