يؤتيه من يشاء ، وفي الانتصار يهبه لمن يشاء ، وفي الرسالة ينزلها على من
يشاء ..
وان لهذه
الحقيقة توجيهات تربوية تتجسد في : القتال في سبيل الله من دون خشية الموت (لان
الحياة بيد الله) ، والإنفاق دون خشية من الفقر ، والطاعة للحاكم بإذن الله
والالتزام بتوجيهاته ، والايمان بكل رسل الله ، والإنفاق في سبيل الله ..
وقد ذكّرنا
القرآن بتلك التجسدات الواقعية ، وهذه التوجيهات ، من خلال قصص تاريخية ذات عبرة
وإثارة. وضمنها التوجيهات التربوية ..
ولكن يبقى سؤال
: الم يكن من الأفضل : ان يتحدث القرآن بشكل تجريدي محض ، عن الحقائق الواقعية ،
كما يفعلها مثلا الفلاسفة ، وكتاب علم الكلام الاسلامي؟
الجواب .. كلا
.. لان القرآن كتاب حياة وكتاب تزكية ، ولأنه كتاب حياة فهو لا ينقلنا من الحياة
الى غياهب التجريدات الذهنية التي لا تمثل الا نفسها ، ولا تعكس الا خيالات فارغة
أشبه ما تكون الى الاشكال الهندسية والحسابات الرياضية لا تعني شيئا حقيقيا ، بل
يتحدث إلينا عن ظواهر الحياة ظاهرة ظاهرة منها ما انتهت وتتكرر ، كالظاهرة
التاريخية ، ومنها ما هي متلاحقة كالظاهرة الطبيعية ، ومنها ما نصنعها كالحرب
والسلام .. كل ذلك لتلتصق افكارنا بالواقع الخارجي أكثر فأكثر ، ثم يعطينا : رؤية
نابعة من حقيقة عامة ، تجاه هذه الظاهرة ، رؤية تاريخية ، رؤية طبيعية ، رؤية في
افعال الإنسان. فهو بذلك لا يفصلنا عن الواقع ، بل يعطينا منظارا مكبّرا وسليما
ننظر من خلاله الى الحياة ، ذلك المنظار هي الرؤية وهي الحقيقة العامة (مثلا حقيقة
هيمنة الله على الحياة).
ومن جهة أخرى :
لا يريد القرآن ان يشبع قلوبنا بحب الله ، أو افكارنا بالاعتقاد بالله. من دون ان
يكون لذلك الحب ، وهذا الايمان : انعكاس عملي في