تنوفة إذا قلت (تنفىّ) كقول العرب فى الإضافة إلى (شنوءة) : شنئىّ. أفلا ترى إلى الصنعة كيف تحيل لفظا إلى لفظ ، وأصلا إلى أصل.
وهذا ونحوه إنما الغرض فيه الرياضة به ، وتدرّب الفكر بتجشّمه ، وإصلاح الطبع لما يعرض فى معناه وعلى سمته. فأمّا لأن يستعمل فى الكلام (مضرىّ) من (ضرب) ، و (تنفىّ) من (نزف) فلا. ولو كان لا يخاض فى علم من العلوم إلا بما لا بدّ له من وقوع مسائله معيّنة محصلة لم يتمّ علم على وجه ، ولبقى مبهوتا بلا لحظ ، ومخشوبا بلا صنعة ؛ ألا ترى إلى كثرة مسائل الفقه والفرائض والحساب والهندسة وغير ذلك من المركّبات المستصعبات ، (وذلك) إنما يمرّ فى الفرط منها (١) الجزء النادر الفرد ، وإنما الانتفاع بها من قبل ما تقنيه النفس من الارتياض بمعاناتها.
* * *
__________________
(١) أى فى الحين. ويقال : إنما ألقى فلانا فى الفرط إذا كنت تلقاه بعد أيام. وتقول أيضا : ألقاه فى الفرط بعد الفرط أى فى الحين بعد الحين.