وإنما المصدر (ليئست) وهو اليأس واليآسة. قال فأمّا قولهم فى اسم الرجل (إياس) فليس مصدرا لأيست ، ولا هو أيضا من لفظه. وإنما هو مصدر (أست الرجل) أءوسه إياسا ، سمّوه به كما سمّوه عطاء تفاؤلا بالعطيّة. ومثل ذلك عندى تسميتهم إيّاه (عياضا) وإنما هو مصدر عضته أى أعطيته ؛ قال :
عاضها الله غلاما بعد ما |
|
شابت الأصداغ ، والضرس نقد (١) |
عطف جملة من مبتدأ وخبر على أخرى من فعل وفاعل ، أعنى قوله : (والضرس نقد) أى ونقد الضرس. وأمّا الآخر فعندى أنه لو لم يكن مقلوبا لوجب إعلاله ، وأن يقول : است أآس ، كهبت أهاب. فظهوره صحيحا يدلّ على أنه إنما صحّ لأنه مقلوب عما تصحّ عينه وهو (يئست) لتكون الصحّة دليلا على ذلك المعنى ؛ كما كانت صحّة (عور) دليلا على أنه فى معنى ما لا بدّ من صحّته وهو (اعورّ).
فأمّا تسميتهم الرجل (أوسا) فإنه يحتمل أمرين ، أحدهما أن يكون مصدر (أسته) أى أعطيته ؛ كما سمّوه عطاء وعطيّة. والآخر أن يكون سمّوه به كما سمّوه ذئبا. فأمّا ما أنشدناه من قول الآخر :
لى كلّ يوم من ذؤاله |
|
ضغث يزيد على إباله (٢) |
فلأحشأنّك مشقصا |
|
أوسا أويس من الهباله (٣) |
__________________
(١) البيت من الرمل ، وهو للهذلى فى لسان العرب (نقد) ، وبلا نسبة فى المنطق ص ٤٩ ، والخصائص ٢ / ٧١ ، وشرح شواهد المغنى ص ٨٧٣ ، ولسان العرب (صدغ) ، ومغنى اللبيب ص ٤٨٥.
(٢) ذؤالة : الذئب ، وقوله «ضغث يزيد على إبالة» أى بلية على بلية ، وكان الذئب طمع فى ناقته الهبالة. فى اللسان (فى كل يوم).
(٣) قول أسماء بن خارجة فى اللسان (أوس). يقال حشأه سهما : رماه به. والمشقص : سهم عريض النصل. وأويس : تصغير أوس ، وهو الذئب. وأوسا : هو موضع الشاهد ، خاطب بهذا الذّئب ، وقيل : افترس له شاة فقال : لأضعنّ فى حشاك مشقصا عوضا يا أويس من غنيمتك التى غنمتها من غنمى. وقال ابن سيده : أوسا أى عوضا ، انظر اللسان (أوس).