كذا وجّهته معه ، فقال لى : فكيف تصنع بقوله «تدلكى»؟ قلت : نجعله بدلا من «تبيتى» أو حالا فنحذف النون ؛ كما حذفها من الأوّل فى الموضعين ، فاطمأنّ الأمر على هذا. وقد يجوز أن يكون «تبيتى» فى موضع النصب بإضمار «أن» فى غير الجواب ؛ كما جاء بيت الأعشى :
لنا هضبة لا ينزل الذّل وسطها |
|
ويأوى إليها المستجير فيعصما (١) |
وأنشد أبو زيد ـ وقرأته عليه ـ : ... (٢).
فجاء به على إضمار «أن» كبيت الأعشى.
فأمّا قول الآخر :
إن تهبطين بلاد قو |
|
م يرتعون من الطلاح (٣) |
فيجوز أن تكون «أن» هى الناصبة للاسم مخفّفة ، غير أنه أولاها الفعل بلا فصل ؛ كما قال الآخر :
إن تحملا حاجة لى خفّ محملها |
|
تستوجبا نعمة عندى بها ويدا |
أن تقرءان على أسماء ـ ويحكما ـ |
|
منّى السلام وألا تعلما أحدا |
سألت عنه أبا علىّ رحمهالله فقال : هى مخفّفة من الثقيلة ؛ كأنه قال : أنكما
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لطرفة بن العبد فى ملحق ديوانه ص ١٥٩ ، والرد على النحاة ص ١٢٦ ، والكتاب ٣ / ٤٠ ، وللأعشى فى خزانة الأدب ٨ / ٣٣٩ ، ولسان العرب (دلك) ، ١ / ١٩٧ ، وبلا نسبة فى الجنى الدانى ص ١٢٣ ، ورصف المبانى ص ٢٢٦ ، ٣٧٩ ، والمقتضب ٢ / ٢٤.
(٢) وقد خلت الأصول التى بيدى من البيت الشاهد ، وكتب مكانه عبارة «بياض بالأصل» كما أثبت. وفى نوادر أبى زيد (٢٠٨) من مقطوعة للقحيف العقيلى :
وفى الصحصحيين الذين ترحلوا |
|
كواعب من بكر تسام وتحبلا |
وتروى «تحبلا» بالنصب حيث لا ناصب. فقد يكون الشاهد الذى أراده ابن جنى هو هذا. وإن كان شارح النوادر على بن سليمان الأخفش الصغير يخرج هذا على أن الألف بدل من نون التوكيد ، فلا يكون الفعل منصوبا ، فإن ابن جنى لا يذهب هنا هذا المذهب. (نجار).
(٣) البيت من مجزوء الكامل ، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (طلح) ، (صلف) ، (أنن) ، وتهذيب اللغة (٤ / ٣٨٣ ، ٣٨٤ ، وتاج العروس (طلح).