أتنسى ـ لا هداك الله ـ ليلى |
|
وعهد شبابها الحسن الجميل! |
كأنّ ـ وقد أتى حول جديد ـ |
|
أثافيها حمامات مثول (١) |
فإنه لا اعتراض فيه. وذلك أن الاعتراض لا موضع له من الإعراب ، ولا يعمل فيه شيء من الكلام المعترض به بين بعضه وبعض على ما تقدّم. فأمّا قوله :
«وقد أتى حول جديد» فذو موضع من الإعراب ، وموضعه النصب بما فى «كأنّ» من معنى التشبيه ؛ ألا ترى أن معناه : أشبهت وقد أتى حول جديد حمامات مثولا ، أو أشبّهها وقد مضى حول جديد بحمامات مثول ، أى أشبّهها فى هذا الوقت وعلى هذه الحال بكذا.
وأنشدنا :
أرانى ـ ولا كفران لله أيّة |
|
لنفسى ـ لقد طالبت غير منيل (٢) |
ففى هذا اعتراضان (٣) : أحدهما ـ «ولا كفران لله». والآخر ـ قوله : «أيّة» أى أويت لنفسى أيّة ؛ معناه رحمتها ورققت لها. فقوله : أويت لها لا موضع له من الإعراب. وسألنا الشجرىّ أبا عبد الله يوما عن فرس كانت له ؛ فقال : هى بالبادية. قلنا لم؟ قال : إنها وجية (٤) ، فأنا آوى لها ؛ أى أرحمها وأرقّ لها. وكذلك قول الآخر :
أرانى ولا كفران لله إنّما |
|
أواخى من الأقوام كلّ بخيل (٥) |
_________________
(١) الثانى منهما لأبى الغول الطهوى فى الدرر ٤ / ٢٧ وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨١٨ ، ونوادر أبى زيد ص ١٥١ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (ثفا) ومغنى اللبيب ٢ / ٣٩٢ ، والمنصف ٢ / ١٨٥ ، ٣ / ٨٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٤٨ ، وتاج العروس (ثفا).
(٢) البيت لابن الدمينة فى ديوانه ص ٨٦ ، ولكثير عزة فى الدرر ٢ / ٢٢٧ ، وبلا نسبة فى شرح شواهد المغنى ٢ / ٨٢٠ ، ولسان العرب (أوا) ومغنى اللبيب ٢ / ٣٩٤ ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٦٥١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٧ ، وتاج العروس (أوا).
(٣) ذكر ابن هشام فى المغنى فى مبحث الجملة المعترضة : أن أبا على لا يجيز الاعتراض بأكثر من جملة ، وأوّل هذا البيت ، وترى ابن جنى هنا على خلافه ، ولم ينبه عليه. (نجار).
(٤) الوجا : أن يشتكى البعير باطن خفّه والفرس باطن حافره. اللسان (وجا).
(٥) البيت لكثير عزة فى ديوانه ص ٥٠٨ ، وشرح المفصل ٨ / ٥٥ ، والكتاب ٣ / ١٣١ ، وبلا نسبة فى الدرر ٤ / ٢٤ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٤٧.