بتدبير هذا العالم بأمر الله سبحانه.
٣ ـ ويعتبرها البعض الآخر إشارة إلى مراحل التدبير الإلهي في هذا العالم ، ويعتقدون أنّ مراحل التدبير الإلهي في هذا العالم كلّ ألف سنة ، ويأمر الله سبحانه ملائكته بتدبير أمر السماء والأرض في كلّ الف سنة ، وبعد انتهاء مرحلة الألف سنة هذه تبدأ مرحلة اخرى.
إنّ هذه التفاسير علاوة على أنّها تطرح مطالب غامضة ومبهمة ، فإنّها لا تمتلك قرينة وشاهدا من نفس الآية أو من آيات القرآن الاخرى.
وفي اعتقادنا أنّ المراد من الآية ـ بقرينة آيات اخرى من القرآن ، وكذلك الروايات الواردة في تفسير الآية ـ شيء آخر ، وهو أنّ الله سبحانه خلق هذا العالم ، ونظّم ودبّر السماء والأرض بتدبير خاصّ ، وألبس البشر والموجودات الحيّة الاخرى لباس الحياة ، إلّا أنّه يطوى هذا التدبير في نهاية العالم ، فتظلم الشمس ، وتفقد النجوم أشعّتها ، وبتعبير القرآن ستطوى السماوات حتّى ترجع إلى حالتها قبل توسّع هذا العالم (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (١) ، وبعد طيّ هذا العالم سيبدأ إبداع برنامج ومشروع عالمي جديد أوسع ، أي سيبدأ عالم آخر بعد انتهاء هذه الدنيا.
وهذا المعنى قد ورد في آيات القرآن الاخرى ، ومن جملتها الآية (١٥٦) من سورة البقرة : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ).
وجاء في الآية (٢٧) من سورة الروم : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ).
ونقرأ في الآية (٣٤) من سورة يونس : (قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ).
__________________
(١) الأنبياء ، ١٠٤.