بحوث
١ ـ أنواع الغرور والخدع!
إنّ الآيات أعلاه تحذّر من الانخداع والاغترار بزخارف الحياة الدنيا وبهارجها ، ثمّ تتحدّث عن خدع الشيطان ومكائده ، وتعلن عن خطورته ، لأنّ الناس عدّة أقسام :
فبعضهم ضعيف وعاجز إلى الحدّ الذي يكفي لخداعه والتغرير به مجرّد رؤية زخارف الدنيا.
أمّا القسم الذي يمتلك مقاومة أكثر ، فلا بدّ أن تزداد الوساوس الشيطانية لازدياد مقاومتهم ، ويتّحد لإضلالهم وخداعهم الشيطان الداخلي والخارجي. وتعبيرات الآية أعلاه تحذير لأفراد كلا الفئتين.
وممّا يجدر ذكره أنّ (الغرور) على وزن «جسور» يعني كلّ موجود خدّاع ، وإنّما فسّروها بالشيطان لأنّه مصداقها الواضح في الحقيقة ، وإلّا فإنّ كلّ إنسان خدّاع ، وكلّ كتاب مضلّ ، وأيّ مقام ومنصب يوسوس ، وكلّ موجود يخدع الإنسان ويضلّه فإنّه يدخل في المفهوم الواسع لهذه الكلمة ، اللهمّ إلّا أن نعطي للشيطان من سعة المعنى بحيث يشمل كلّ المعاني المتقدّمة ، ولهذا فإنّ الراغب في مفرداته يقول : فالغرور كلّ ما يغرّ الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان ، وقد فسّر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين.
وقد فسّرها البعض بالدنيا لخداعها وغرورها ، كما نقرأ في نهج البلاغة : «تغرّ وتضرّ وتمرّ» (١).
٢ ـ خداع الدنيا
لا شكّ أنّ كثيرا من مظاهر الحياة الدنيا غارّة ومضلّة ، وقد تشغل الإنسان بها
__________________
(١) وردت جملة (تغرّ وتضرّ وتمرّ) في شأن الدنيا في نهج البلاغة في باب الحكم القصار لأمير المؤمنين عليهالسلام : ٤١٥.